تخمين زمن المطالعة:1 الدقيقة
17-السابع: في شرائط الناظر والمتولّي للوقف
الخلاصة : الاولي: ان يجعل النظر لنفسه، ففي هذه الصورة لاوجه لاشتراط العدالة أو الوثاقة.
قال في الحدائق: متى قلنا ان النظر للواقف ابتداء أو مع شرطه فهل تشترط عدالته أم لا؟ ظاهر الأصحاب الثاني، وبه قطع في التذکرة مع احتمال اشتراطها، لخروجه بالوقف عن الملک ومساواته لغيره، فلابد من اعتبار العدالة في التولية کما تعتبر في غيره ... والمسألة محل توقف لعدم النص.
اقول: لاينبغي الريب في عدم الاشتراط لعموم ادلة مضى الشروط واطلاقات ادلة صحة العقد على حسب ما يوقفه الواقف، وايّ نص اوضح من ذلک؟ واي دليل على اعتبارها بعد وضوح هذه العمومات والاطلاقات؟ والمفروض انه خرج عن ملک الواقف بهذا اللون وهذا الاشتراط لامطلقا.
واما ما ورد في وقف مولانا اميرالمؤمنين عليه افضل صلوات المصلين من اعتبار الرضا بهداه وإسلامه وامانته (اعني الناظر في امرالوقف) فهو لايدل على اعتبار هذا الشرط مطلقا بل يدل على اعتباره (ع) بالخصوص في مورد وقفه (ع) لاکل وقف.
الثانية: ان يجعل الواقف التولية والنظر لغيره مع عدم عدالته أو وثاقته حال الوقف فالظاهر أيضاً صحته لعين مامرّ من الدليل.
نعم اذا کان ثقة أو عدلا حال العقد ثم زالت عنه هذه الاوصاف امکن القول بعزله اذا کانت من قبيل القيد فيه لامطلقا.
الثالثة: ما اذا لم يجعل الواقف النظر لالنفسه ولالغيره وکان الوقف خاصا وقلنا يکون النظر حينئذ إلى الموقوف عليهم.
والظاهر أيضاً هنا عدم الاعتبار لان المفروض کون الملک أو المنافع لهم فلهم النظر في اموالهم من دون اشتراط العدالة والوثاقة کما في سائر تصرفات المالکين في اموالهم، ولکن لايخلو من اشکال بالنسبة إلى البطون الاتية ولذا ذکرنا الاحتياط بضم الحاکم الشرعي معهم.
الرابعة: اذا کان من قبيل الوقف على الجهات العامة أو من قبيل فک الملک وکان النظر فيه إلى الحاکم فليس له ان يجعل النظر فيها الا إلى من يوثق به، وذلک لوجوب رعاية الغبطة في تصرفات الولي ومنه الحاکم الشرعي.
هذا ولو ثبت خيانة المتولي المنصوب من قبل الواقف (سواء کان نفسه أو غيره) أو خيف ذلک فالاقوى وجوب ضم الامين إليه من قبل الحاکم الشرعي، لانه ولي على الجهات العامة، وعلى الاوقاف الخاصة بالنسبة إلى الطبقات الآتية کولايته على الغُيّب والقُصّر.
واما اذا کان المتولي أو الناظر منصوبا من قبل الحاکم فانه ينعزل عن مقامه اذا خرج عن الوثاقة من غير حاجة إلى عزله، لان المفروض ان صلاحيته لذلک مشروطة بها.
الثامن: في من يملک الوقف العام أو الخاص:
اختلف کلمات الأصحاب في من يملک العين الموقوفة بعد تمام الوقف بل اختلفت کلمات العامة أيضاً.
فعن المشهور منّا خروجه عن ملک الواقف، وقال الاکثر بدخوله في ملک الموقوف عليهم.
ولکن هناک اقوال اخر:
1ـ بقائه على ملک الواقف.
2ـ خروجه عن ملکه وبقائه بلامالک.
3ـ دخوله في ملک الموقوف عليهم في الوقف الخاص دون الوقف العام.
4ـ دخوله في ملک الله تبارک وتعالى.
وفتاوى العامة أيضاً مختلفة کما عرفت فعن المالکية انها باقية على ملک الواقف وعن الحنفية والشافعية بقائها بلامالک.
وعن الحنابلة انتقالها إلى الموقوف عليهم.
والاولي ـ کما في المسالک ـ ان يبحث في مقامين:
الاول: في خروجه عن ملک مالکه وعدمه.
والثاني: في دخوله في ملک غيره وعدمه.
اما لاول: فالذي يدل عليه (على خروجه عن ملک الواقف) امور:
1ـ ارتکاز العرف والعقلاء لما عرفت من ان الوقف ليس من محدثات الشرع الإسلامي بل کان دارجا بين الاقوام قبل الإسلام أيضاً کما مرّ في بعض الروايات من ان المجوس وقفوا على بيوت النار کما انه نعلم بوجود الکنائس والبيع وما اوقفت عليها من الازمنة السابقة على الإسلام.
ومن الواضح ان الارتکاز العرفي يشهد على خروج الوقف عن ملک مالکه وقطع سلطنته عنه بالمرة وقد امضاه الشارع المقدس الإسلامي بعد عدم ردعه عنه.
2ـ لامعنى لبقائه على ملک مالکه بعد قطع سلطنته عنه إلى الابد.
3ـ ظاهر التعبير بالصدقة في غير واحد من روايات الباب ومايفهم من اطلاق هذا اللفظ هو التعبير الوارد في بعض روايات الباب من قوله «صدقة واجبة بتلة» وغير ذلک شاهدة على خروجها عن ملک مالکه لان الصدقة على ما يتبادر منها تقتضي خروجها عن ملک مالکها لاسيما مع تاکيدها بالوجوب والبتل.
ان قلت: قد ورد في بعض روايات الباب وفي کلمات الأصحاب ان الوقف حبس العين وتسبيل الثمرة اليس المراد من الحبس بقائه في ملک مالکه محبوسا.
قلت: کلاّ، بل المراد حبسه في ملک الموقوف عليهم کما لايخفي على من راجعها.
واما الثاني: فالظاهر ان يقال بالفرق بينما کان فکا کالمسجد، فانه لايدخل في ملک احد، بل هو کالتحرير بالنسبة إلى العبد، ولکن قد عرفت انه يمکن القول بدخول هذا القسم في ملک الله کما هو المرتکز في عرف المتشرعة فتامل.
واما في الموقوفات الخاصة فالظاهر دخولها في ملک الموقوف عليهم، للارتکاز الذي قد عرفته، ولما يظهر من التعبير بالصدقة، فانها نوع تمليک بمن يتصدق عليه، مضافا إلى ان بقاء الملک الخاص بلامالک بعيد جدا، وقياسه على المال المعرض عنه (فانه يبقى بلامالک) کما ورد في «تتمة العروة» في کتاب الوقف قياس مع الفارق، وکذا دخوله في ملک الله بمعناه الخاص هنا مما لادليل عليه، وان کان هو مالک الملوک ومالک السموات والارضين.
وکذا الکلام بالنسبة إلى الوقف على الجهات العامة فان المالک هو الجهة، کما في ملک السادة بالنسبة إلى سهم الخمس، والله العالم بحقائق الامور.
من شرايط العوضين عدم الرهن
قد عرفت اشتراط کون الملک طلقا وخرج به الوقف وقد مرّت تفاصيله، وتخرج به العين المرهونة أيضاً، لکونها متعلقة لحق الغير، وهو المرتهن، فالراهن ممنوع من التصرف فيها، فلا تقع العين المرهونة لامثمنا ولاثمنا.
واللازم اولا نقل کلمات الأصحاب في المقام ثم البحث عن ادلة المسألة.
اما الاول: فقد عبّر جماعة ـ کما في المفتاح ـ انه لايصح بيع الرهن بدون اذن المرتهن.
وعبّر آخرون بأنه لايجوز ذلک.
وهناک تعبير ثالث عن المقنعة والمبسوط والخلاف والمراسم والغنية والسرائر وهو انه لوباع کان البيع باطلا.
واستظهر بعضهم من الحکم بالبطلان عدم صحته ولو اجاز المرتهن، ولکن صرح في محکي النهاية بعد الحکم بالبطلان بأنه ان أمضى المرتهن مافعله الراهن کان ذلک جائزا ماضيا.
وعلى کل حال فقد ذکر في الجواهر بعد بيان هذا الحکم قوله (لاخلاف اجده بل الاجماع عليه بقسميه)
والظاهر ان المسألة اجماعية کما افاده، ويدل عليه مضافا إلى ما ذکر، امور:
1ـ أن جواز بيعه ينافي حقيقة الرهن، لانه شرّع للوثوق باداء الدين، حتى سمى وثيقة، وهذا يتوقف على بقائه على حاله، وما في بعض کلمات سيدنا الحکيم من عدم المنافاة لانه لامانع من ان يکون حق الرهانة قائما بالعين ولو انتقلت من الراهن إلى غيره کما ترى، لانه لاوجه له بعد کون قيام حق الرهانة بها باعتبار کونها ملکا لمالکه فانه دائن لاغيره.
وان شئت قلت: المفروض تعلق حق المرتهن به، وحقه هو استيفاء الدين منه لوتاخر المديون عن اداء دينه، وهذا غير ممکن على فرض بيعه وانتقاله من الراهن المديون.
2ـ النبوى المرسل المشهور: ((الراهن والمرتهن ممنوعان من التصرف)).
والقدر المتيقن منه مثل البيع والصلح والهبة واشباهها وقد حکى في الجواهر في کتاب الرهن استدلال غير واحد من الأصحاب به فتأمل.
هذا کله ظاهر انما الکلام في انه لو باعه بدون أذن المرتهن فهل تجرى فيه أحکام الفضولي أم لا؟
المتحصل من کلماتهم کون المسألة ذات اقوال:
احدها: انه کالبيع الفضولي فان قلنا بالصحة هناک قلنا به هنا، ويدل على الصحة العمومات الدالة على صحة العقود، وکون المقتضى للصحة موجودا والمانع مفقودا، مضافا إلى ما ورد من التعليل في صحة نکاح العبد اذا اجاز مولاه، من أنه ((لم يعص الله تعالى وانّما عصى سيده فاذا اجاز، جاز)).
ثانيها: ان الصحة هناک لاتلازم الصحة هنا لوجود الفارق بين المسألتين، وحاصل الفرق ان الفضولي انّما يصح بيعه لانه ينوى ايقاع العقد على وجه النيابة عن المالک ثم اذا اجاز المالک صح بيعه، ولو وقع العقد بنية الاستقلال کان حراما باطلا، ومن الواضح ان المالک الراهن لايمکنه ايقاع العقد على وجه النيابة عن المرتهن لکونه مالکا لايجرى في حقه هذا القصد، فبيع الفضولي يقع على وجهين احدهما صحيح بالاجازة والاخر باطل، ولکن بيع الراهن لايقع الا على وجه واحد باطل وهو تصرف حرام لاتصححها الاجازة.
وقد نقل هذا الوجه شيخنا الاعظم عن بعض معاصريه، ونقلناه ملخصا.
وانت خبير بما فيه من الاختلال لان صحة بيع الفضولي غير منوطة بقصد النيابة عن المالک کما عرفت في محله ومجرد اجراء صيغة العقد ولو بنية الاستقلال ليس حراما ممنوعا ولذا حکموا بصحة بيع الغاصب لنفسه اذا اجاز المالک فيقع لهأيللمالک.
هذا مضافا إلى امکان قصد النيابة بالنسبة إلى حق المرتهن لان المفروض ان له حق في العين المرهونة.
وبالجملة: لا ينبغى الشک في عدم کون البيع هنا اسوء حالا من بيع الفضولي.
ثالثها: ان الامر هنا اسهل والصحة اوجه لصدور البيع عن اهله، وهو المالک، ووقوعه في محله، وانه يمکن القول بالصحة هنا مع القول ببطلان بيع الفضولي وهو المحکى عن أيضاًح النافع وهو کذلک لان بعض الادلة النافية هناک لايجرى هنا، مثل قوله ((لا بيع الا في ملک)) أو ((لاتبع ماليس عندک)) لان الملک هنا حاصل.
وبالجملة: لاينبغى الکلام في صحة البيع هنا بناء على المختار من صحة الفضولي بعد اجازة المرتهن.
بل وکذلک اذا صدر البيع عن المرتهن کما هو واضح.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
والعمدة هنا انه هل يشترط فيهم العدالة أو تکفي الوثاقة او لا يعتبر شيء من ذلک؟
قال في المفتاح: وفي الرياض انهم اتفقوا على اعتبارها اي العدالة في الغير اذا اشترط النظر له، وان هذا الاتفاق حکاه جماعة، ولم نجد احدا حکاه سوى مالعله يلوح من قوله في الکفاية انه المعروف من مذهب الأصحاب، بل قلّ من تعرض لاعتبارها في غيره، وانما ذکر في التذکرة والدروس والمسالک والروضة والمفاتيح وفي الوسيلة والجامع اعتبار کونه ثقة ولعله بمعنى العدالة.
لا يوجد تعليق