الجواب الاجمالي:
الجواب التفصيلي:
نقرأ في هذه الآية: (أَفَمَنْ کانَ عَلى بَیِّنَة مِنْ رَبِّهِ ویَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ ومِنْ قَبْلِهِ کِتابُ مُوسى إِماماً ورَحْمَةً).
قال بعض المفسّرين: إنّ المقصود بالشاهد هو جبرئيل (عليه السلام) أمين وحي الله، ومنهم من فسّره بالنّبي (صلى الله عليه وآله)، ومنهم من قال: إنّ معناه لسان النّبي (صلى الله عليه وآله) في حالة فهم معنى «يتلو» من التلاوة أي القراءة، لا بمعنى التلّو الذي معناه مجيء شخص بعد آخر.
ولكن كثيراً من كبار المفسّرين فسّروا «شاهد» بالإمام علي (عليه السلام)، ففي روايات كثيرة وصلتنا عن الأئمّة المعصومين، وفي بعض كتب تفسير أهل السنّة ـ أيضاً ـ هناك تأكيد على أنّ المقصود من «الشاهد» في الآية هو الإمام علي (عليه السلام) أوّل من آمن بالنّبي والقرآن الكريم، وكان معه في جميع المراحل ولم يقصر لحظةً في التضحية دونه وحمايته إلى آخر نفس.
وفي حديث منقول عن الإمام علي (عليه السلام) أنّه قال: «ما من رجل من قريش إلاّ وقد أنزل فيه آية أو آيتان من كتاب اللّه، فقال له رجل من القوم: وماذا أنزل فيك يا أمير المؤمنين؟ فقال: أما تقرأ الآية التي في هود (أفمن كان على بيّنة من ربّه ويتلوه شاهد منه) محمّد (صلى الله عليه وآله) على بيّنة من ربّه وكنت أنا الشاهد».
وفي الآية 43 من سورة الرعد عبارة تؤيد هذا المعنى، حيث يقول سبحانه: ویَقُولُ الَّذینَ کَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ کَفى بِاللّهِ شَهیداً بَیْنی وبَیْنَکُمْ ومَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْکِتابِ.
هناك روايات كثيرة عن طرق الشيعة وأهل السنّة تبيّن أنّ المراد بقوله: «مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْکِتاب» هو الإمام علي (عليه السلام).
وممّا يجدر ذكره ـ كما أشرنا سابقاً ـ أن واحداً من أفضل طرق حقانيّة أيّ مذهب هو مطالعة شخصية أتباعه والمدافعين عنه وحماته. فحين نلاحظ جماعةً أتقياء، أذكياء، مؤمنين مخلصين اجتمعوا حول أحد القادة، أو مذهب معين فسيتّضح جيداً أنّ هذا القائد وهذا المذهب على درجة عالية من الحق والصدق.
ولكن حين نرى جماعة انتهازيين محتالين غير مؤمنين ولا متقين تجمعوا حول مذهب ما أو قائد ما، فقلّ أن نصدّق أن ذلك المذهب أو القائد على حق.
وينبغي الإشارة إلى هذا الأمر، وهو أنّه لا منافاة بين تفسير كلمة الشاهد بالإمام علي (عليه السلام)، وبين شمولها لجميع المؤمنين من أمثال أبي ذرّ وسلمان وعمّار واضرابهم، لأنّ هذه التفاسير تشير إلى الشخص البارز والشاخص في هؤلاء المؤمنين، أي إنّ المقصود هو جماعة المؤمنين الذين في طليعتهم الإمام علي(عليه السلام).
والدليل على هذا الكلام رواية منقولة عن الإمام الباقر (عليه السلام): قال: «الذي على بينّة من ربّه رسول الله الذي تلاه من بعده الشاهد منه أميرالمؤمنين ثمّ أوصياؤه واحد بعد واحد».
وعلى الرغم من أنّ هذه الرّواية تذكر المعصومين فحسب، ولكنّها تدل على أنّ الرّوايات التي تفسر الشاهد بالإمام علي (عليه السلام) لاتعني شخصه فحسب، بل كونه مصداقاً وشاخصاً للمؤمنين(1).
لا يوجد تعليق