الجواب الاجمالي:
الجواب التفصيلي:
لهذا الخبر أسانيد معتبرة في كتب اهل السّنّة، نتعرّض لبعضها على أساس كلمات علمائهم في الجرح والتعديل، وأُصولهم المقرّرة في علم الرجال؛ فمن هذه الأسانيد المعتبرة:
1- رواية ابن أبي حاتم، عن سلمة بن كهيل:
أخرج ابن أبي حاتم في (تفسيره)(1) فإنّه يرويه عن أبي سعيد الأشج، عن الفضل بن دكين، عن موسى بن قيس الحضرمي، عن سلمة بن كهيل قال: تصدّق علي بخاتمه و هو راكع فنزلت الآية: «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ» ....
«ابن أبي حاتم» هو الإمام الحافظ الشهير، الغنيّ عن التعريف(2)
«أبو سعيد الأشج» هو: عبداللَّه بن سعيد الكندي، من رجال الصحاح الستّة(3)
«الفضل بن دكين» من رجال الصحاح الستّة كذلك(4) ومن كبار شيوخ البخاري.
«موسى بن قيس الحضرمي»؛ قال ابن حجر: «يلقّب: عصفور الجنّة، صدوق، رمي بالتشيّع»(5)
«سلمة بن كهيل» من رجال الصحاح الستّة أيضاً(6)
2- رواية ابن أبي حاتم أيضاً، عن عتبة بن أبي حكيم:
أخرج ابن أبي حاتم الرازي بتفسير الآية، قال: «حدّثنا الربيع بن سليمان المرادي، ثنا أيوب بن سويد، عن عتبة بن أبي حكيم في قوله: «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذينَ آمَنُوا»، قال: عليّ بن أبي طالب(7)
«الربيع بن سليمان المرادي» من رجال أبي داود والنسائي وابنماجة. قال ابن حجر: «صاحب الشافعي. ثقة»(8)
«أيوب بن سويد»، وهو الرملي، من رجال أبي داود والنسائي وابن ماجة أيضاً. قال ابن حجر: «صدوق، يخطئ»(9)
«عتبة بن أبي حكيم» من رجال مسلم والبخاري في خلق أفعال العباد. قال ابن حجر: «صدوق، يخطئ كثيراً»(10)
3- رواية ابن جرير الطبري:
أخرج أبو جعفر الطبري، قال: «وأمّا قوله: «وَالَّذينَ آمَنُوا الَّذينَ يُقيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ»، فإنّ أهل التأويل اختلفوا في المعنيّ به؛ فقال بعضهم: عنى به: عليّ بن أبي طالب، وقال بعضهم: عنى به: جميع المؤمنين».
ثمّ ذكر: «حدّثنا إسماعيل بن إسرائيل الرملي، قال: ثنا أيوب بن سويد، قال: ثنا عتبة بن أبي حكيم في هذه الآية: «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذينَ آمَنُوا»، قال: عليّ بن أبي طالب»(11)
«إسماعيل بن إسرائيل الرملي»؛ قال السمعاني فيه: «سمع منه أبو محمّد عبدالرحمن بن أبي حاتم وقال: كتبت عنه، وهو ثقة صدوق»(12) عن «أيوب بن سويد»، عن «عتبة بن أبي حكيم»؛ وقد عرفتهما.
4- رواية ابن مردويه:
روى ابن مردويه من طريق سفيان الثوري، عن أبي سنان، عن الضحاك، عن ابن عبّاس قال: كان علي بن أبي طالب قائماً يصلّي، فمرّ سائل وهو راكع، فأعطاه خاتمه، فنزلت «إنّما وليّكم اللَّه ورسوله» الآية. الضحاك لم يلق ابن عبّاس(13)
وهي الرواية التي ذكرها ابن كثير، وتعقّبها بقوله: «الضحّاك لم يلقَ ابن عبّاس».
فنقول: إذا كان هذا فقط هو المطعن فالأمر سهل:
أمّا أوّلًا: فإنّه- وإن قال بعضهم: «لم يلق ابن عبّاس»- قد ورد حديثه عنه في ثلاثة من الصحاح(14) وابن حجر العسقلاني لم يقدح في هذه الرواية في الكاف الشاف(15)
وأمّا ثانياً: فإنّه لو كانت روايته عن ابن عبّاس مرسلةً، فالواسطة معلومة حتى عند القائل بإرسالها؛ فقد رووا عن شعبة، قال:«حدّثني عبدالملك بن ميسرة، قال: الضحّاك لم يلق ابن عبّاس، إنّما لقي سعيد ابن جبير بالريّ، فأخذ عنه التفسير»(16)
فعليه، روايات الضحّاك عن ابن عبّاس في التفسير مسندة غيرمرسلة؛ إذ كلّها بواسطة «سعيد بن جبير» الثقة الثبت بالاتّفاق، غير إنّه كان لا يذكر الواسطة لدى النقل؛ تحفّظاً على سعيد، لكونه مشرّداً مطارداً من قبل جلاوزة الحجّاج الثقفي، وتحفّظاً على نفسه أيضاً، لكونه قصد سعيداً في الريّ للأخذ عنه، وجعل يروي ما أخذه عنه وينشر رواياته بين الناس، لاسيّما مثل هذا الخبر الذي يُعَدّ من جلائل مناقب أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام.
هذا، واعلم أنّ «ابن سنان» الراوي عن «الضحّاك» هو- بقرينة الراوي والمروي عنه-: «سعيد بن سنان البرجمي الكوفي، نزل الريّ»، قال الحافظ ابن حجر: «صدوق له أوهام» وعلّم عليه علامة: مسلم، وأبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة(17)
ولا نستبعد أن يكون «ابن سنان» هذا أيضاً من المشرّدين اللاجئين إلى الريّ خوفاً من الحجّاج، وأن يكون إسقاط اسم «سعيد بن جبير» منه ... واللَّه العالم.
وكيف كان، فالرواية من الأسانيد المعتبرة الواردة في الباب.
5- رواية الحاكم النيسابوري:
أخرج الحاكم:«حدّثنا أبو عبداللَّه محمّد بن عبداللَّه الصفّار، قال: ثنا أبو يحيى عبدالرحمن بن محمّد بن سلم الرازي بإصبهان، قال: ثنا يحيى بن الضريس، قال: ثنا عيسى بن عبداللَّه بن عبيداللَّه(18) بن عمر بن علي بن أبي طالب، قال: ثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن علي، قال: نزلت هذه الآية على رسول اللَّه: «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذينَ آمَنُوا الَّذينَ يُقيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ»، فخرج رسول اللَّه و دخل المسجد، والناس يصلّون بين راكع وقائم، فصلّى، فإذا سائل، قال: ياسائل! أعطاك أحد شيئاً؟ فقال: لا، إلّاهذا الراكع- لعليّ- أعطاني خاتماً...»(19)
«محمّد بن عبداللَّه الصفّار» فهو: محمّد بن عبداللَّه بن أحمد الأصفهاني الزاهد. قال السمعاني: «وكان زاهداً حسن السيرة ورعاً كثير الخير»(20) وقال الذهبي: «الشيخ الإمام المحدّث القدوة ... وقال الحاكم: «هو محدّث عصره، كان مجاب الدعوة، لم يرفع رأسه إلى السماء- كما بلغنا- نيّفاً وأربعين سنة، توفي سنة 339»(21)
«أبو يحيى عبدالرحمن بن محمّد» من كبار الحفّاظ المشهورين، ترجم له الحافظ أبو نعيم فقال: «سكن أصبهان، إمام جامعها، توفّي سنة 291، مقبول القول، حدّث عن العراقيّين وغيرهم الكثير، صاحب التفسير والمسند ... حدّثنا سليمان بن أحمد، ثنا عبدالرحمن بن محمّد بن سلم ...»(22) و ترجم له الذهبي ب: «الحافظ، المجوّد، العلّامة، المفسّر ... حدّث عنه القاضي أبو أحمد العسّال، وأبو القاسم الطبراني، وأبو الشيخ بن حيّان ... وكان من أوعية العلم ...»(23) وقال أيضاً: «كان من الثقات»(24)
«محمّد بن يحيى بن الضريس الكوفي الفيدي»، ذكره ابن أبي حاتم فقال: «كان يسكن فيد، روى عن محمّد بن فضيل، والوليد بن بكير، ومحمّد بن الطفيل، وعمرو بن هاشم الجنبي، وعيسى بن عبداللَّه بن محمّد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب، سمع منه أبي وروى عنه، سمعت أبي يقول ذلك، سئل أبي عنه فقال: صدوق»(25)
«عيسى بن عبداللَّه بن محمّد بن عمر بن علي بن أبي طالب» ذكره ابن حبّان في كتاب الثقات(26) ...عن «عبيد اللَّه بن عمر». وهذا اشتباه؛ فإنّ الصحيح هو: عيسى بن عبداللَّه بن عمر بن عليّ بن أبي طالب، فإنّ والد «عبداللَّه» هو «محمّد» وليس «عبيداللَّه»، وكذلك جاء في تاريخ مدينة دمشق(27)
أمّا رواية الحاكم هذه فقد جاءت في نقل الحافظ ابن حجر عن كتابه معرفة علوم الحديث على الوجه الصحيح(28)
«محمّد بن عمر» من رجال الصحاح الستّة(29)
«عمر بن عليّ»،هو من رجال الصحاح الستّة أيضاً(30)
فالسند صحيح قطعاً.
6- رواية ابن عساكر:
أخرج ابن عساكر قائلًا: «أخبرنا أبو سعد المطرز، وأبو علي الحداد، وأبو القاسم غانم بن محمّد بن عبداللَّه. ثمّ أخبرنا أبو المعالي عبداللَّه بن أحمد بن محمّد، أنبأنا أبو علي الحداد؛ قالوا: أنبأنا أبو نعيم الحافظ، أنبأنا سليمان بن أحمد، أنبأنا عبدالرحمان بن محمّد بن سالم(31) الرازي، أنبأنا محمّد بن يحيى بن ضريس العبدي(32) أنبأنا عيسى بن عبداللَّه بن عبيداللَّه بن عمر بن عليّ بن أبي طالب، حدّثني أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ، قال: نزلت هذه الآية على رسول اللَّه (ص): «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذينَ آمَنُوا الَّذينَ يُقيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ»، فخرج رسول اللَّه (ص)، فدخل المسجد- والناس يصلّون بين راكع وقائم- يصلّي، فإذا سائل، فقال (رسول اللَّه): يا سائل! هل أعطاك أحد شيئاً؟ فقال: لا، إلّا هذاك الراكع- لعليّ- أعطاني خاتمه(33)
«أبو علي الحدّاد» وهو: الحسن بن أحمد بن الحسن الأصفهاني. قال السمعاني: «كان عالماً، ثقة، صدوقاً، من أهل العلم والقرآن والدين، عمّر دهراً، وحدّث بالكثير»، و «هو أجلّ شيخ أجاز لي ... وكان خيّراً صالحاً، ثقة. وقد سمع من أبي نعيم من تواليفه: ...»(34) و وصفه الذهبي ب: «الشيخ الإمام، المقرئ المجوّد، المحدّث المعمّر، مسند العصر ... شيخ أصبهان في القراءات والحديث معاً ... توفّي سنة 515»(35)
«أبو نعيم الحافظ»، وهو الحافظ أبو نعيم الأصفهاني، المشهور المعروف، ولا حاجة إلى بيان توثيقه.
«سليمان بن أحمد»، وهو الطبراني، الحافظ الشهير، ولا حاجة إلى بيان توثيقه أيضاً.
عن «عبدالرحمن بن سلم الرازي»، عن «محمّد بن يحيى بن الضريس»، عن «عيسى بن عبداللَّه» ... إلى آخر السند.
وقد عرفتهم في رواية الحاكم ..
والصحيح هو: «عيسى بن عبداللَّه بن محمّد بن عمر بن عليّ»، كما أشرنا، وهكذا جاء اسمه في تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر، في ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام؛ فقد روى عنه بإسناده «حديث الطير»، عن أبيه، عن جدّه، عن أمير المؤمنين عليه السلام(36).(37)
1- رواية ابن أبي حاتم، عن سلمة بن كهيل:
أخرج ابن أبي حاتم في (تفسيره)(1) فإنّه يرويه عن أبي سعيد الأشج، عن الفضل بن دكين، عن موسى بن قيس الحضرمي، عن سلمة بن كهيل قال: تصدّق علي بخاتمه و هو راكع فنزلت الآية: «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ» ....
«ابن أبي حاتم» هو الإمام الحافظ الشهير، الغنيّ عن التعريف(2)
«أبو سعيد الأشج» هو: عبداللَّه بن سعيد الكندي، من رجال الصحاح الستّة(3)
«الفضل بن دكين» من رجال الصحاح الستّة كذلك(4) ومن كبار شيوخ البخاري.
«موسى بن قيس الحضرمي»؛ قال ابن حجر: «يلقّب: عصفور الجنّة، صدوق، رمي بالتشيّع»(5)
«سلمة بن كهيل» من رجال الصحاح الستّة أيضاً(6)
2- رواية ابن أبي حاتم أيضاً، عن عتبة بن أبي حكيم:
أخرج ابن أبي حاتم الرازي بتفسير الآية، قال: «حدّثنا الربيع بن سليمان المرادي، ثنا أيوب بن سويد، عن عتبة بن أبي حكيم في قوله: «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذينَ آمَنُوا»، قال: عليّ بن أبي طالب(7)
«الربيع بن سليمان المرادي» من رجال أبي داود والنسائي وابنماجة. قال ابن حجر: «صاحب الشافعي. ثقة»(8)
«أيوب بن سويد»، وهو الرملي، من رجال أبي داود والنسائي وابن ماجة أيضاً. قال ابن حجر: «صدوق، يخطئ»(9)
«عتبة بن أبي حكيم» من رجال مسلم والبخاري في خلق أفعال العباد. قال ابن حجر: «صدوق، يخطئ كثيراً»(10)
3- رواية ابن جرير الطبري:
أخرج أبو جعفر الطبري، قال: «وأمّا قوله: «وَالَّذينَ آمَنُوا الَّذينَ يُقيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ»، فإنّ أهل التأويل اختلفوا في المعنيّ به؛ فقال بعضهم: عنى به: عليّ بن أبي طالب، وقال بعضهم: عنى به: جميع المؤمنين».
ثمّ ذكر: «حدّثنا إسماعيل بن إسرائيل الرملي، قال: ثنا أيوب بن سويد، قال: ثنا عتبة بن أبي حكيم في هذه الآية: «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذينَ آمَنُوا»، قال: عليّ بن أبي طالب»(11)
«إسماعيل بن إسرائيل الرملي»؛ قال السمعاني فيه: «سمع منه أبو محمّد عبدالرحمن بن أبي حاتم وقال: كتبت عنه، وهو ثقة صدوق»(12) عن «أيوب بن سويد»، عن «عتبة بن أبي حكيم»؛ وقد عرفتهما.
4- رواية ابن مردويه:
روى ابن مردويه من طريق سفيان الثوري، عن أبي سنان، عن الضحاك، عن ابن عبّاس قال: كان علي بن أبي طالب قائماً يصلّي، فمرّ سائل وهو راكع، فأعطاه خاتمه، فنزلت «إنّما وليّكم اللَّه ورسوله» الآية. الضحاك لم يلق ابن عبّاس(13)
وهي الرواية التي ذكرها ابن كثير، وتعقّبها بقوله: «الضحّاك لم يلقَ ابن عبّاس».
فنقول: إذا كان هذا فقط هو المطعن فالأمر سهل:
أمّا أوّلًا: فإنّه- وإن قال بعضهم: «لم يلق ابن عبّاس»- قد ورد حديثه عنه في ثلاثة من الصحاح(14) وابن حجر العسقلاني لم يقدح في هذه الرواية في الكاف الشاف(15)
وأمّا ثانياً: فإنّه لو كانت روايته عن ابن عبّاس مرسلةً، فالواسطة معلومة حتى عند القائل بإرسالها؛ فقد رووا عن شعبة، قال:«حدّثني عبدالملك بن ميسرة، قال: الضحّاك لم يلق ابن عبّاس، إنّما لقي سعيد ابن جبير بالريّ، فأخذ عنه التفسير»(16)
فعليه، روايات الضحّاك عن ابن عبّاس في التفسير مسندة غيرمرسلة؛ إذ كلّها بواسطة «سعيد بن جبير» الثقة الثبت بالاتّفاق، غير إنّه كان لا يذكر الواسطة لدى النقل؛ تحفّظاً على سعيد، لكونه مشرّداً مطارداً من قبل جلاوزة الحجّاج الثقفي، وتحفّظاً على نفسه أيضاً، لكونه قصد سعيداً في الريّ للأخذ عنه، وجعل يروي ما أخذه عنه وينشر رواياته بين الناس، لاسيّما مثل هذا الخبر الذي يُعَدّ من جلائل مناقب أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام.
هذا، واعلم أنّ «ابن سنان» الراوي عن «الضحّاك» هو- بقرينة الراوي والمروي عنه-: «سعيد بن سنان البرجمي الكوفي، نزل الريّ»، قال الحافظ ابن حجر: «صدوق له أوهام» وعلّم عليه علامة: مسلم، وأبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة(17)
ولا نستبعد أن يكون «ابن سنان» هذا أيضاً من المشرّدين اللاجئين إلى الريّ خوفاً من الحجّاج، وأن يكون إسقاط اسم «سعيد بن جبير» منه ... واللَّه العالم.
وكيف كان، فالرواية من الأسانيد المعتبرة الواردة في الباب.
5- رواية الحاكم النيسابوري:
أخرج الحاكم:«حدّثنا أبو عبداللَّه محمّد بن عبداللَّه الصفّار، قال: ثنا أبو يحيى عبدالرحمن بن محمّد بن سلم الرازي بإصبهان، قال: ثنا يحيى بن الضريس، قال: ثنا عيسى بن عبداللَّه بن عبيداللَّه(18) بن عمر بن علي بن أبي طالب، قال: ثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن علي، قال: نزلت هذه الآية على رسول اللَّه: «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذينَ آمَنُوا الَّذينَ يُقيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ»، فخرج رسول اللَّه و دخل المسجد، والناس يصلّون بين راكع وقائم، فصلّى، فإذا سائل، قال: ياسائل! أعطاك أحد شيئاً؟ فقال: لا، إلّاهذا الراكع- لعليّ- أعطاني خاتماً...»(19)
«محمّد بن عبداللَّه الصفّار» فهو: محمّد بن عبداللَّه بن أحمد الأصفهاني الزاهد. قال السمعاني: «وكان زاهداً حسن السيرة ورعاً كثير الخير»(20) وقال الذهبي: «الشيخ الإمام المحدّث القدوة ... وقال الحاكم: «هو محدّث عصره، كان مجاب الدعوة، لم يرفع رأسه إلى السماء- كما بلغنا- نيّفاً وأربعين سنة، توفي سنة 339»(21)
«أبو يحيى عبدالرحمن بن محمّد» من كبار الحفّاظ المشهورين، ترجم له الحافظ أبو نعيم فقال: «سكن أصبهان، إمام جامعها، توفّي سنة 291، مقبول القول، حدّث عن العراقيّين وغيرهم الكثير، صاحب التفسير والمسند ... حدّثنا سليمان بن أحمد، ثنا عبدالرحمن بن محمّد بن سلم ...»(22) و ترجم له الذهبي ب: «الحافظ، المجوّد، العلّامة، المفسّر ... حدّث عنه القاضي أبو أحمد العسّال، وأبو القاسم الطبراني، وأبو الشيخ بن حيّان ... وكان من أوعية العلم ...»(23) وقال أيضاً: «كان من الثقات»(24)
«محمّد بن يحيى بن الضريس الكوفي الفيدي»، ذكره ابن أبي حاتم فقال: «كان يسكن فيد، روى عن محمّد بن فضيل، والوليد بن بكير، ومحمّد بن الطفيل، وعمرو بن هاشم الجنبي، وعيسى بن عبداللَّه بن محمّد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب، سمع منه أبي وروى عنه، سمعت أبي يقول ذلك، سئل أبي عنه فقال: صدوق»(25)
«عيسى بن عبداللَّه بن محمّد بن عمر بن علي بن أبي طالب» ذكره ابن حبّان في كتاب الثقات(26) ...عن «عبيد اللَّه بن عمر». وهذا اشتباه؛ فإنّ الصحيح هو: عيسى بن عبداللَّه بن عمر بن عليّ بن أبي طالب، فإنّ والد «عبداللَّه» هو «محمّد» وليس «عبيداللَّه»، وكذلك جاء في تاريخ مدينة دمشق(27)
أمّا رواية الحاكم هذه فقد جاءت في نقل الحافظ ابن حجر عن كتابه معرفة علوم الحديث على الوجه الصحيح(28)
«محمّد بن عمر» من رجال الصحاح الستّة(29)
«عمر بن عليّ»،هو من رجال الصحاح الستّة أيضاً(30)
فالسند صحيح قطعاً.
6- رواية ابن عساكر:
أخرج ابن عساكر قائلًا: «أخبرنا أبو سعد المطرز، وأبو علي الحداد، وأبو القاسم غانم بن محمّد بن عبداللَّه. ثمّ أخبرنا أبو المعالي عبداللَّه بن أحمد بن محمّد، أنبأنا أبو علي الحداد؛ قالوا: أنبأنا أبو نعيم الحافظ، أنبأنا سليمان بن أحمد، أنبأنا عبدالرحمان بن محمّد بن سالم(31) الرازي، أنبأنا محمّد بن يحيى بن ضريس العبدي(32) أنبأنا عيسى بن عبداللَّه بن عبيداللَّه بن عمر بن عليّ بن أبي طالب، حدّثني أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ، قال: نزلت هذه الآية على رسول اللَّه (ص): «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذينَ آمَنُوا الَّذينَ يُقيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ»، فخرج رسول اللَّه (ص)، فدخل المسجد- والناس يصلّون بين راكع وقائم- يصلّي، فإذا سائل، فقال (رسول اللَّه): يا سائل! هل أعطاك أحد شيئاً؟ فقال: لا، إلّا هذاك الراكع- لعليّ- أعطاني خاتمه(33)
«أبو علي الحدّاد» وهو: الحسن بن أحمد بن الحسن الأصفهاني. قال السمعاني: «كان عالماً، ثقة، صدوقاً، من أهل العلم والقرآن والدين، عمّر دهراً، وحدّث بالكثير»، و «هو أجلّ شيخ أجاز لي ... وكان خيّراً صالحاً، ثقة. وقد سمع من أبي نعيم من تواليفه: ...»(34) و وصفه الذهبي ب: «الشيخ الإمام، المقرئ المجوّد، المحدّث المعمّر، مسند العصر ... شيخ أصبهان في القراءات والحديث معاً ... توفّي سنة 515»(35)
«أبو نعيم الحافظ»، وهو الحافظ أبو نعيم الأصفهاني، المشهور المعروف، ولا حاجة إلى بيان توثيقه.
«سليمان بن أحمد»، وهو الطبراني، الحافظ الشهير، ولا حاجة إلى بيان توثيقه أيضاً.
عن «عبدالرحمن بن سلم الرازي»، عن «محمّد بن يحيى بن الضريس»، عن «عيسى بن عبداللَّه» ... إلى آخر السند.
وقد عرفتهم في رواية الحاكم ..
والصحيح هو: «عيسى بن عبداللَّه بن محمّد بن عمر بن عليّ»، كما أشرنا، وهكذا جاء اسمه في تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر، في ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام؛ فقد روى عنه بإسناده «حديث الطير»، عن أبيه، عن جدّه، عن أمير المؤمنين عليه السلام(36).(37)
لا يوجد تعليق