الجواب الاجمالي:
قال ابن حزم فی کتاب « الفصل »: وعمّار(رضی الله عنه) قتله أبو الغادیة یسار بن سبع السلمی. شهد عمّار بیعة الرضوان فهو من شهداء الله له بأنّه علم ما فی قلبه، وأنزل السکینة علیه، ورضی عنه، فأبو الغادیة(رضی الله عنه) متأوِّل مجتهد مخطىء فیه باغ علیه مأجور أجراً واحداً
الجواب التفصيلي:
قال ابن حزم فی کتاب « الفصل »: وعمّار(رضی الله عنه) قتله أبو الغادیة یسار بن سبع السلمی . شهد عمّار بیعة الرضوان فهو من شهداء الله له بأنّه علم ما فی قلبه، وأنزل السکینة علیه، ورضی عنه، فأبو الغادیة(رضی الله عنه)متأوِّل مجتهد مخطىء فیه باغ علیه مأجور أجراً واحداً .
ولیس هذا کقتلة عثمان(رضی الله عنه)؛ لأنّهم لا مجال للاجتهاد فی قتله، لأنّه لم یقتل أحداً ولا حارب ولا قاتل ولا دافع ولا زنى بعد إحصان ولا ارتدَّ فیسوِّغ المحاربةَ تأویلٌ، بل هم فسّاقٌ محاربون سافکون دماً حراماً عمداً بلا تأویل على سبیل الظلم والعدوان ; فهم فسّاقٌ ملعونون .
لم أجد معنىً لاجتهاد أبی الغادیة ـ بالمعجمة ـ وهو من مجاهیل الدنیا، وأفناء الناس، وحُثالة العهد النبوىّ، ولم یُعرِّف بشیء غیر أ نّه جُهنیٌّ، ولم یُذکر فی أىِّ معجم بما یُعرب عن اجتهاده، ولم یُروَ منه شیٌ من العلم الإلهیّ سوى قول النبىّ(صلى الله علیه وآله) : «دماؤکم وأموالکم حرام» وقوله : «لا ترجعوا بعدی کفّاراً یضرب بعضکم رقاب بعض» . وکان أصحاب رسول الله(صلى الله علیه وآله)یتعجّبون من أ نّه سمع هذا ویقتل عمّاراً(1)، ولم یَفُه أیُّ أحد من أعلام الدین إلى یوم مجیء ابن حزم باجتهاد مثل أبی الغادیة .
ثمّ لم أدرِ معنى هذا الاجتهاد فی مقابل النصوص النبویّة فی عمّار. ولست أعنی بها قوله (صلى الله علیه وآله)فی الصحیح الثابت المتواتر(2) لعمّار: «تقتلک الفئة الباغیة»، وفی لفظ : «الناکبة عن الطریق». وإن کان لا یدع مجالاً للاجتهاد فی تبریر قتله; فإنّ قاتله مهما تأوّل فهو عاد علیه ناکبٌ عن الطریق، ونحن لا نعرف اجتهاداً یسوِّغ العدوان الّذی استقلَّ العقل بقبحه، وعاضده الدین الإلهىّ الأقدس .
ولکی نعرف أکثر عن مقام ومنزلة الصحابی الجلیل عمّار بن یاسر، وعن انحطاط ودناءة قاتله، نشیر إلى روایات أخرى: نقل الحاکم بسنده فی «المستدرک» والذهبی بسنده فی «التلخیص» عن عمرو بن العاص وقالا:
«أللّهمّ أولعت قریش بعمّار، إنّ قاتل عمّار وسالبه فی النار».
«إنّ عمّاراً مع الحقّ، والحقُّ معه، یدور عمّار مع الحقّ أینما دار، وقاتل عمّار فی النار».
وأخرج أحمد فی المسند(5) بإسناده بلفظ : «من یعادِ عمّاراً یعادِهِ الله عزّ وجلّ، ومن یبغضه یبغضه الله عزّ وجلّ، ومن یسبّه یسبّه الله عزّ وجلّ».
لا يوجد تعليق