الجواب الاجمالي:
فی بعض الروایات المنقولة عن أمیر المؤمنین تقسیم الکفر المذکور فی کتاب الله على الوجه التالى وهو فی الحقیقة تبیین لموارد استعماله فی القرآن:
کفر الجحود: و له وجهان:
ألف- جحود الوحدانیة
ب- الجحود مع المعرفة بحقیقته
کفر الترک لما أمر الله به من المعاصی
کفر البراءة
الجواب التفصيلي:
إنّ للکفر أقساماً ذکرها المتکلّمون و أصحاب المعاجم نشیر إلیها:
1- کفر إنکار: وهو أن یکفر بقلبه و لسانه، فلا یعرف الله و لا رسوله، أو لا یعرف الرسول فقط.
2- کفر جحود: وهو أن یذعن بقلبه و لا یقر بلسانه بل یجحده، کما فی قوله سبحانه: «وَجَحَدُوا بِها وَ اسْتَیْقَنَتها أَنفُسُهُم» (النمل- 14).
3- کفر عناد: و هو أن یعرف بقلبه و یقر بلسانه و لا یدین به، عناداً و حسداً. و یمثل له ببعض کفار قریش کالولید بن المغیرة، حیث عرف بقلبه واعترف بلسانه بأعجاز القرآن لکنه لم یَدُنْ به ونسبه إلى السحر(1)
4- کفر نفاق: وهو أن یقر بلسانه و لا یعتقد بقلبه کالمنافق(2)
و قسمه الإیجی بصورة أُخرى وقال: الإنسان إمّا معترف بنبوة محمد- صلَّى الله علیه و اله وسلم- أو لا، و الثانی إمّا معترف بالنبوة فی الجملة و هم الیهود و النصارى و غیرهم، و إمّا غیر معترف بها، و هو إمّا معترف بالقادر المختار و هم البراهمة، أو لا، و هم الدهریة. ثم إنکارهم لنبو ته- صلَّى الله علیه و اله وسلم- إمّا عن عناد و إمّا عن اجتهاد(3)
و للتفتازانی تقسیم آخر للکفر حیث قال: الکافر إن أظهر الإیمان خص باسم المنافق، و إن کفر بعد الإسلام فبالمرتد. و إن قال بتعدد الآلهة فبالمشرک، و إن تدّین ببعض الأدیان فبالکتابى، و إن أسند الحوادث إلى الزمان و اعتقد قدمه فبالدهرى، و إن نفى الصانع فبالمعطّل، و إن کان مع اعترافه بنبوة النبی- صلَّى الله علیه و اله وسلم- و إظهاره شعائر الإسلام یبطن عقائد هی کفر بالاتفاق، فبالزندیق(4)
و تقسّمُ الاباضیة الکفرَ إلى کفر الملة وکفر النعمة، و بالثانى یفسّرون قوله سبحانه: «و للَّهِ على الناسِ حِجُّ البیتِ مَنِ استَطاعَ إلیهِ سَبیلًا وَ مَنْ کَفَرَ فَإنّ الله غنِىّ عنِ العالَمِین» (آل عمران- 97).
هذه التقسیمات للکفر و الکافر ربما تزید بصیرة فی المقام.
هذا و فی بعض الروایات المنقولة عن أمیر المؤمنین تقسیم الکفر المذکور فی کتاب الله على الوجه التالى وهو فی الحقیقة تبیین لموارد استعماله فی القرآن و الیک خلاصته:
1- کفر الجحود: و له وجهان:
ألف- جحود الوحدانیة: و هو قول من یقول «لاربّ و لا جنة و لا نارَ و لا بعثَ و لا نشورَ» و هؤلاء صنف من الزنادقة و صنف من الدهریة الذین یقولون: «ما یهلکنا إلّاالدهر» و ذلک رأی وضعوه لأنفسهم استحسنوه بغیر حجة فقال الله تعالى: «إن هُمْ إلّا یَظُنّون» (البقرة- 78).
وقال: «إنّ الّذینَ کَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَیْهِم أأَنذَرْتَهُمْ أمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لا یُؤْمِنُون» (البقرة- 6) أی لا یؤمنون بتوحید الله.
ب- الجحود مع المعرفة بحقیقته: قال تعالى: « وَ جَحَدُوا بِها وَ اسْتَیْقَنَتْها أنفُسُهُمْ ظُلماً وعُلُواً» (النمل- 14) وقال سبحانه: «وَکَانُوا مِن قَبْلُ یَسْتَفْتِحُونَ على الّذِینَ کَفَرُوا فَلَمّا جَاءَهُم ما عَرَفُوا کَفَرُوا بِهِ فَلَعنَةُ الله على الکافِرِین» (البقرة - 89) أی جحدوه بعد أن عرفوه.
2- کفر الترک لما أمر الله به: کفر الترک لما أمر الله به من المعاصی کما قال الله تعالى: «وَ إذْ أَخَذْنَا مِیثاقَکُمْ لا تَسْفِکُونَ دماءَکُمْ و لا تُخْرِجُونَ أنفُسَکُم مِنْ دِیارِکُم ثُمَّ أقْرَرْتُمْ و أنتُمْ تَشْهَدُون- إلى أن قال- أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعضِ الکِتابِ وَ تَکْفُروُنَ بِبَعض» (البقرة: 84- 85) فکانوا کفّاراً لترکهم ما أمر الله تعالى به.
3- کفر البراءة: و المقصود منه هو ما حکاه تعالى عن قول إبراهیم: «کَفَرنا بِکُمْ وَ بَدا بَیْنَنا وَ بَیْنَکُمُ العَدَاوَةُ و البَغْضَاءُ أبداً حتّى تُؤمِنُوا بِالله وَحْدَه» (الممتحنة- 4) فقوله: «کَفَرنا بِکُمْ» أی تبرّأنا منکم. وقال سبحانه فی قصة إبلیس و تبرّیه من أولیائه من الإنس إلى یوم القیامة: «إنّى کَفَرتُ بما أشْرَکْتُمُون مِنْ قَبْل» (إبراهیم- 22) أی تبرّأت منکم.
وقوله تعالى: «إنّما اتّخَذْتُم من دُونِ الله أوْثاناً مَودّةَ بَیْنِکُمْ فی الحیاةِ الدُّنْیا ثُمَّ یَوْمَ القِیامَةِ یَکْفُرُ بَعْضُکُم بِبَعْضٍ وَ یَلْعَنُ بَعْضُکُم بَعضاً» (العنکبو ت- 25).
4- کفر النعم: وهو ما حکاه سبحانه عن قول سلیمان: «هذا مِن فَضْلِ رَبّی لِیَبْلُوَی أأشکُرُ أَمْ أکْفُر» (النمل- 40).
وقال تعالى: «لَئِن شَکَرْتُمْ لأَزِیدَنَّکُمْ وَ لَئِنْ کَفَرْتُمْ إنّ عَذَابِى لَشَدِید» (إبراهیم- 7)
وقال تعالى: «فاذکرونى أذکرکم و اشکرو لى و لا تکفرون» (البقرة- 152).
لا يوجد تعليق