نص الحديث:
« يا أباذر أتعلمُ في أىّ شيء أُنزلت هذهِ الآيةُ: «إصبروا و صابروا و رابطوا و اتقوا اللّهَ لعلُکُمْ تُفلحونَ» قلتُ: لا أدري فداکَ أبي و أمّي، قال: في إنتظار الصلاةِ خلفَ الصلاةَ»(1)
شرح الحديث:
أصدر القرآن الکريم (2) أربعة أوامر للمؤمنين هي:
1ـ «إصبروا».
2ـ «صابروا».
3ـ «رابطوا»، لهذه الکلمة معنيان: أحدها المعنى الاصطلاحي و هو أن يستعد الانسان للدفاع عن الثغور الاسلامية أمام الکافرين (أي حافظوا على ثغورکم)، و الآخر ـ الذى هو أوسع من الأول ـ حافظوا على العلاقات فيما بينکم.
4ـ «اتقوا»، أي يجب أن تکون جميع تلک الأعمال مقرونةً بالتقوى .
الآن يسأل النبي الکريم(صلى الله عليه وآله) في هذا الحديث الشريف الصحابي المعروف أباذر الغفاري: يا أباذر أتعلم في أي شيء أنزلت هذه الآية؟ فقال أبوذر: لا أدري فداک أبى و أمى، فقال الرسول(صلى الله عليه وآله): نزلت في إنتظار الصلاة خلف الصلاة.
لعلکم لا حظتم ما هو متداول بين أهل السنة من التفريق بين الصلاتين، فلما يفرغون من صلاة المغرب ينتظرون فترةً لإداء صلاة العشاء، تبين هذه الآية الشريفة طبعاً مصداقاً من هذه المصاديق و ليست هي بصدد الحصر.
من ضمن المسائل المهمة في حياتنا نحن المسلمين الاستمرار في البرامج; العلماء الناجحون هم الذين يستمرون في أداء عملهم. اذا استمر الانسان أياماً متواليةً لأداء عمل ثم ضجر و ترکه فلن يحصل على ثمرته، فکما يجب وصل الصلاة بالصلاة الأخرى يجب فعل ذلک في الأبحاث العلمية و الأعمال الأخرى أيضاً.
کنت أعرف شخصاً ناحجاً في زمانه، و کان يتحدث للناس في مسجد کل ليلة، هذب جماعةً کبيرةً، حدث شيءٌ جعله يخرج من تلک المنطقة، لکنّ الناس استمروا على عملهم و تابعوه. کلمة «رابطوا» ليست مقيدة بالثغور و ...، بل المراد منها العلاقات بين الأفراد أيضاً، أي تکون الأعمال مؤثرةً اذا أنجزت بشکل جماعي، لأنّها تکون أبعد عن مخاطر الزلل و الاشتباه، و تکون ذات سرعة و عمق أکبر، و کم تکون الأعمال الکبيرة التي يقوم بانجازها الانسان منفرداً ذات أثر قليل جداً.
هؤلاء الأجانب عبيد الدنيا على العکس منّا تماماً، ليس لديهم أعمالا فريدةً أبداً، ينجزون أعمالهم بصورة جماعية، و يکون النجاح حليفهم متى کانوا کذلک إعتاد أولئک على الکون بهذه الصورة في الدنيا، في الوقت الذي يجب أن نسبقهم في الدنيا و الآخرة.
مسائل حول الصلاة:
فلسفة الصلاة:
جاء في الآية 45من سورة العنکبوت: «أقم الصلاة إنّ الصلاة تنهى عن الفحشاءِ و المنکرِ». فى هذه الآية الشريفة إشارة الى الفلسفة العظيمة للصلاة و هي أنّ الصلاة بطبيعيتها بما أنّها تذکّر الانسان بأقوى العوامل الرادعة أي تذکره بالاعتقاد بالمبدأ و المعاد فسوف تتضمن أثر النهي عن الفحشاء و المنکر.
الانسان الذي يقف للصلاة و يکبر، و يعتبر الله أفضل و أعلى و أکبر من کل شيء، سيتذکر نعمه و يحمده و يشکره، و يثني على رحمانيته و رحيميته، و يتذکر يوم جزاءه، و يستعيذ به من طريق المغضوب عليهم و الضالين (مضمون سورة الحمد); و يرکع لله، يسجد و يخضع له، و يغرق في عظمته، و ينسى الغرور و التکبر، ... يشهد بوحدانية، و يشهد برسالة النبي(صلى الله عليه وآله)، و يصلي عليه، و يرفع يديه بالدعائ أن يجعله في زمرة عباده الصالحين (التشهد و السلام) ; توجد جميع هذه الأمور أمواجاً من المعنويات في وجود الانسان ; تلک الأمواج التي تعتبر سداً منيعاً أمام الذنوب.
أهمية الصلاة:
تلاحظ تعبيرات في الروايات المتعددة المنقولة عن النبي الکريم(صلى الله عليه وآله) و الأئمة المعصومين تکشف النقاب عن الأهمية القصوى للصلاة في مدرسة الاسلام.
يقول أبو عثمان: کنت جالساً مع سلمان الفارسي تحت شجرة، فأمسک أحد أغصانها اليابسة و هزّها حتى تساقطت جميع أوراقها، ثم توجه إلىّ و قال: ألا تسأل لَم فعلت ذلک؟ قلت: قل لي ماذا تقصد من ذلک؟ قال: هذا مافعله النبي(صلى الله عليه وآله) عند ما کنت جالساً تحت شجرة، حينها التفت إلىّ و قال: سلمان لم تسأل لَم فعلت هذا؟ قلت: لماذا؟ قال: «إنّ المسلمَ إذا توضّأ فأحسن الوضوءَ، ثم صلى الصلواتَ الخمسَ تحاتّتْ خطاياهُ کما تحاتّ هذا الورقَ، ثم قرأ هذه الآية: «و أقمْ الصلاةَ إنّ الصلاة تنهى عن الفحشاءِ و المنکرِ» (3)
نقرأ في حديث آخر عن أحد صحابة النبي(صلى الله عليه وآله) و هو أبو أمامة حيث يقول: ذات يوم کنت جالساً في المسجد مع النبي(صلى الله عليه وآله) و الأصحاب إذ جاء رجل الى الرسول (صلى الله عليه وآله) و قال: فعلت ما يوجب الحد، فأقمه يا رسول الله. قال النبي(صلى الله عليه وآله) هل صليت معنا؟ قال: نعم يا رسول الله، قال لقد عفا الله عن ذنبک و رفع عنک الحد.
نقل کذلک عن الامام على(عليه السلام) عن الرسول(صلى الله عليه وآله) أنّه قال: «إنّما منزلةُ الصلوات الخمسِ لأمّتي کنهر جار على بابِ أحدِکُم فما نظنُّ أحَدکُم لو کانِ في جسدِهِ درنٌ ثمّ اغتسلَ في ذلک النهر خَمسَ مرات کانَ يبقى في جسدِهِ درنٌ، فکذلک و اللهِ الصلواتُ الخمسُ لأمّتي» (4)
على کل حال، لا شک أنّ الصلاة إذا أقيمت بصورتها الصحيحة تغرق الانسان في عالم من المعنوية و الروحانية، و توثق إرتباطه بالله بحيث يؤدي ذلک الى غسل و إزالة الأقذار و آثار الذنوب عن قلبه و روحه أيضاً.
تضمن الصلاة عدم وقوع الانسان في الذنب، و تزيل صدأ الذنب عن مرآة القلب.
تنبت الصلاة براعم الملکات الانسانية الرفيعة في أعماق روح البشر، تقوي الصلاة الارادة کذلک و تطهر القلب و الروح، و على هذا لو لم تکن الصلاة جسماً بلا روح فإنّها مدرسة تربوية عالية. (5)
تأثير الصلاة في تربية الفرد و المجتمع:
برغم أنّ فلسفة الصلاة لا تخفى على أحد لکنّ الترکيز في نصوص الآيات و الروايات يقودنا الى الاحاطة الشاملة بهذا الموضوع:
1ـ روح، أساس، هدف، أصل، مقدمة، نتيجة و أخيراً فلسفه الصلاة هي ذکر الله، کما إعتبرته الآية الشريفة المذکورة آنفاً أفضل نتيجة. طبعاً ذلک الذکر الذي يکون مقدمةً للتفکير، و التفکير الباعث و المحفز على العمل.
کما جاء في حديث عن الامام الصادق(عليه السلام) حيث قال في تفسير الآية «ولذکرُ اللهِ أکبرُ»: «ذکر اللهِ عندَ ما أحلَّ و حّرمَ» (6)
2ـ الصلاة وسيلة لغسل الذنوب و المغفرة الالهية; لأنّها تدعو الانسان ـ شاء أم أبى ـ نحو التوبة و إصلاح الماضي، لذا نقرأ في الرواية عن الرسول الکريم(صلى الله عليه وآله): «أنّما منزلة الصلوات الخمس لأمتي کنهر جار على باب أحدکم فما نظن أحدکم لو کان في جسده درن ثم اغتسل في ذلک النهر خمس مرات کان يبقى في جسده درن فکذلک و الله الصلوات الخمس الأمتي» (تمّ شرح هذا الحديث في أهمية الصلاة).
فعلى هذا تلتئم الجروح الواردة على روح الانسان على أثر الذنب ببلسم الصلاة، و يزال الصدأ الجاثم على القلب.
3ـ الصلاة سدّ أمام الذنوب المعاصى في المستقبل; لأنّها تقوي روح الايمان لدى الانسان و تنمّي غرسة التقوى في القلب، و نحن نعلم أنّ «الايمان» و «التقوى» سدّ حصين أمام المعاصي، و هذا ماذکر في الآية المبارکة بعنوان «النهي عن الفحشاء و المنکر»، و کذلک نقرأ في أحاديث أخرى متعددة: ثمة أشخاص مذنبين ذکروا ما بهم للأئمة الکرام(عليه السلام) فأجابهم الأئمة: لا عليکم، إنّ الصلاة تصلحهم.
4ـ الصلاة مزيلة للغفلة، فأعظم ما يواجه سالکي طريق الحق نسيانهم هدف خلقتهم و غرقهم في الحياة المادية و لذائذها العابرة، لکنّ الصلاة لأدائها في فترات مختلفة أي خمس مرات کل صباح و مساء، تنبّه الانسان باستمرار، و تحذره و تؤکد له هدف الخلقة، و تذکره بمکانته في العالم، و هذه نعمة کبيرة، و هي أن يملک الانسان وسيلةً توقظه بقوة کل يوم مرات متعددة.
5ـ الصلاة تقوض التکبر و العُجب; ذلک لأنّ الانسان يؤدي يومياً سبع عشرة رکعةً، يسجد في کل منها مرتين و يمرغ جبهته بالتراب، ويرى نفسه ذرةً صغيرةً بل لاشي أمام أزلية و عظمة الله جلّ و علا.
يمزق حب الغرور و يتغلب على التکبر.
لذا ذکر الامام على(عليه السلام) في حديثه المعروف الذي بيّن فيه فلسفة العبادات أنّ أفضل عبادة بعد الايمان هي الصلاة، فبين هدفها وقال: «فرض الله الايمان تطهيراً من الشرک و الصلاة تنزيهاً عن الکبر». (7)
6ـ الصلاة وسيلة لتنمية مکارم الأخلاق و التکامل المعنوي للانسان; لأنّها تخرج الانسان من العالم المحدود للمادة و الجدران الأربعة للطبيعة، و تدعوه الى الملکوت السماوي و الاتحاد مع الملائکة و مرافقتهم، فيرى الانسان نفسه إزائ الله تعالى بلاحاجة الى واسطة فيناجيه و يکلمه.
تکرار هذا العمل يومياً مع الاعتماد على صفات الله تعالى، الرحمانية و الرحيمية و عظمته خصوصاً بعد الاستعانة بالسور القرآنية المختلفة بعد الحمد التي تمثل أفضل دعوة حو البر و الاحسان و الکمال، سوف يکون له أثر ملحوظ في تنمية الفضائل الأخلاقية في وجود الانسان.
لذا نقرأ في حديث عن الامام أميرالمؤمنين على(عليه السلام) حول فلسفة الصلاة: «الصلاة قربان کل تقي» (8)
7ـ تمنح الصلاة القيمة لسائر أعمال الانسان; لأنّها تحيى روح الاخلاص. الصلاة عبارة عن مجموعة من النية الخالصة و القول الصادق و الأعمال المخلصة; يؤدي تکرار هذه الأعمال يومياً الى نثر بذور جميع الأعمال الحسنة في روح الانسان، و تقوية روح الاخلاص لديه. لذا نقرأ في الحديث المعروف: قال أميرالمؤمنين(عليه السلام) في جملة و صاياه بعد ما ضربه المجرم ابن ملجم و شق رأسه الشريف بسيفه المشؤوم: «الله الله في الصلاة فإنّها عماد دينکم» (9).
نعلم أنّ الخيمة تسقط بسقوط أو کسر عمودها و لا أثر لاستحکام حبالها و أوتادها، کذلک يکون ارتباط العباد بالله تعالى وثيقاً بواسطة الصلاة، و تفقد باقي الأعمال أثرها عندما يقطع ذلک الارتباط.
نقرأ في حديث عن الامام الصادق(عليه السلام): «أولُ ما يحاسبُ به العبدُ الصلاةُ، فإن قبلت قبل سائر عمله، و إن ردّت ردّ عليه سائر عمله» (10).
يمکن أن يکون دليل هذا الحديث أنّ الصلاة رمز الارتباط بين الخلق و الخالق، إذا أنجزت بصورة صحيحة تحيي فيه قصد القربة و الاخلاص التي تعتبر وسيلةً لقبول سائر الأعمال، و إلاّ فقدت باقي الأعمال اعتبارها و أصبحت مدنسةً و ملوثةً.
8ـ تعتبر الصلاة ـ بقطع النظر عن محتواها و الإلتفات الى شروط الصحة ـ دعوةً لتطهير الحياة، لأنّنا نعلم أنّ مکان المصلي، و الفراش الذي يصلي عليه، و المائ الذي يتوضأ أو يغتسل به، و المحل الذي يغتسل أو يتوضأ فيه يجب أن يکون خالياً عن شبهة الغصب و التجاوز على حقوق الآخرين.
کيف يستطيع الشخص الملطخ بالتجاوز و الظلم و الربا و الغصب و التطفيف و الرشوة و کسب المال الحرام أن يهيئ مقدمات الصلاة؟ بناءاً على هذا، يکون تکرار الصلاة خمس مرات في اليوم دعوةً لرعاية حقوق الآخرين.
9 ـ للصلاة بالإضافة الى شروط الصحة شروط للقبول أو بعبارة أخرى شروط للکمال، حيث تعد مراعاتها عاملا مؤثراً آخر أيضاً لترک العديد من الذنوب. ذکرت أمور کثيرة في الکتب الفقهية و مصادر الحديث بعنوان موانع قبول الصلاة، من جملة ذلک مسألة شرب الخمر، حيث جاء في الروايات: «لا تُقبل صلاة شارب الخمر أربعين يوماً إلاّ أن يتوب» (11).
و قد صرحت روايات أخرى بعدم قبول صلاة من لا يدفع الزکاة،و تقول روايات أخرى: أکل الزاد الحرام و العجب و التکبر من موانع قبول الصلاة، و واضح أنّ تهيئة و توفير شرائط القبول کم هو بنّاء؟
10ـ الصلاة تقوي روح الانضباط في الانسان; لأنها يجب أن تؤدى في أوقات محددة، فيؤدي تقديمها و تأخيرها الى البطلان، کذلک هناک آداب و أحکام أخرى تتعلق بالنية و القيام و العقود و الرکوع و السجود و أمثالها، حيث تيسر رعايتها إجراء الانضباط بصورة کاملة في برامج الحياة.
کل تلک فوائد موجودة في الصلاة بغض النظر عن مسألة الجماعة، و اذا أضفنالها خصوصية الجماعة ـ التي تعتبر روح الصلاة ـ فسوف نحصل على برکات أخرى، ليس المکان محلا مناسباً للدخول في تفاصيلها، بالاضافة الى أنّنا جميعاً على علم بها و لو إجمالا.
ننهي کلامنا حول فلسفة و أسرار الصلاة بالحديث الجامع المنقول عن الامام علي بن موسى قال الرضا(عليه السلام):
قال الامام(عليه السلام) في معرض رده على رسالة سئل فيها عن فلسفة الصلاة: «انّ علة الصلاة أنّها إقرار بالربوبية لله عزّوجلّ و خلع الأنداد، و قيام بين يدي الجبار جل جلاله بالذل و المسکنة، و الخضوع و الاعتراف و الطلب للاقالة من سالف الذنوب، و وضع الوجه على الأرض کل يوم خمس مرات إعظاماً لله عزوجل و أن يکون ذاکراً غير ناس و لا بطر و يکون خاشعاً و متذللا راغباً طالباً للزيادة في الدين و الدنيا، مع ما فيه من الانزجار و المداومة على ذکر الله عزجل بالليل و النهار لئلا ينسى العبد سيده و مدبره و خالقه فيبطر و يطغى و يکون في ذکره لربه و قيامه بين يديه زاجراً له عن المعاصي و مانعاً من أنواع الفساد» (12)
س/ يقول البعض: نحن لاننکر فلسفة الصلاة و أهميتها و آثارها النفسية لکن ما هو الموجب لأدائها في أوقات محددة؟ أليس من الأفضل أن يترک الناس أحراراً و يقوم کل شخص بأداء هذه الوظيفة أثنائ فراغه و حصول الاستعداد النفسي لديه؟
ج/أثبتت التجارب أنّ المسائل التربوية لو لم تخضع للانضباط و لم تؤد وفق شروط معينة فسيتم نسيانها من قبل البعض و يتزعزع أساسها; يجب أن تؤدى هکذا أعمال في أوقات محددة و تخضع للانضباط الدقيق حتى لا يملک أي شخص عذراً و ذريعةً لترکها، و بالذات عندما تؤدى هذه الطقوس و العبادات بصورة جماعية حيث لها من الجلال و العظمة و التأثير مالاينکر، و في الحقيقة تشکل درساً کبيراً لتهذيب النفس. (13)
تارکوا الصلاة و أوصافهم و جزاؤهم:
الف) تارک الصلاة أسؤا أم الکافر؟
قال النبي الکريم(صلى الله عليه وآله): «يقول الکلب في عوائه: الحمدلله الذي خلقني کلباً ولم يجعلني خنزيراً، و يقول الخنزير: الحمدلله الذي خلقني خنزيراً و لم يجعلني کافراً، و يقول الکافر: الحمدلله الذي لم يجعلنى منافقاً، و يقول المنافق: الحمدلله الذي جعلني منافقاً و لم يجعلني تارکاً للصلاة». إنّ الله تعالى يقول: «أقيموا الصلاة و لا تکونوا من المشرکين» (14).
ب) يعرف المسلم من الکافر بالصلاة:
قال: «ما بين المسلم و بين أن يکفر إلاّ أن يترک الصلاة الفريضة متعمداً أو يتهاون بها فلا يصليها» (15).
و قال في مکان آخر: «من ترک الصلاة متعمداً فقد برئ من ذمة الله و ذمة رسوله» (16)
و قال کذلک: «لاايمان لمن لا صلاة له».
ج) تارک الصلاة أسوأ أم اليهودى؟
«من ترک الصلاة لايرجو ثوابها و لا يخاف عقابها فلا أبالي أيموت يهودياً أو نصرانياً أو مجوسياً؟» (17)
د) لماذا يقال لتارک الصلاة کافر؟
عن مسعدة بن صدقة قال: سئل ابوعبدالله الصادق(عليه السلام) مابال الزاني لا تسميه کافراً و تارک الصلاة قد تسميه کافراً، و ما الحجة في ذلک؟ قال: لأنّ الزاني ما أشبهه إنما يفعل ذلک لمکان الشهوة، و لأنها تغلبه، و تارک الصلاة لا يترکها إلاّ استخفافاً بها، و ذلک لأنّک لاتجد الزاني يأتي المرأة إلاّ و هو مستلذ لإتيانه إياها قاصداً إليها، و کل من ترک الصلاة قاصداً إليها فليس يکون قصده لترکها للذة، فاذا انتفت اللذة وقع الاستخفاف، و اذا وقع الاستخفاف وقع الکفر» (18).
هـ)ترک الصلاة يهدم الدين:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «الصلاة عماد الدين من صلاها فقد أقام الدين و من ترکها فقد هدم الدين» (19).
و قال أيضاً: «لکل شيء آفة و آفة الدين ترک الصلاة»
و) تارک اصلاة ليس کافراً فقط بل له اسم آخر:
قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «إذا ترک أحدکم صلاة الصبح ناداه مناد من السماء (يا غادر)، و اذا ترک صلاة العصر ناداه مناد من السماء
(يا فاجر)، و اذا ترک صلاة المغرب ناداه مناد من السماء (يا کافر)، و اذا ترک صلاة العشاء نودي من السماء لاتؤجر على عمل».
ز) ترک الصلاة أسوأ من هذه الجرائم:
قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «من أحرق سبعين مصحفاً وقتل سبعين ملکاً مقرباً وزنى بسبعين بکراً کان أقرب الى النجاة ممّن ترک الصلاة متعمداً».
جزاء تارک الصلاة من موته الى وروده جهنم:
بالاضافة الى أنّ تارک الصلاة ليس له في الدنيا نور الصالحين و لا يستفيد من عمره و يبوء بغضب الرب باستمرار و يجب على المسلمين عدم معاشرته، يعذب أثناء الموت أيضاً عذاباً شديداً:
الف) جزاء تارک الصلاة فى عالم البرزخ:
قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «رأيت ليلة المعراج طائفةً من الناس تُضرب رؤوسهم بالحجر فتتهشم ثم تعود الى حالتها الأولى، ثم تضرب مرةً أخرى و هکذا، فقلت: يا جبرائيل من هذه الطائفة؟ قال: هؤلاء المقصرون في أداء الصلاة الواجبة و المتهاونون فيها، حيث کانوا ينامون وقت صلاة العشاء و يغفلون عن أدائها فيعذبون بهذه الطريقة».
قديماً توفيت امرأة فذهبوا لدفنها فرأوا ثعباناً جاثماً على صدرها و قد وضع رأسه في فمها و أمسک بلسانها فکان يعذبها عذاباً شديداً، و لما أرادوا قتله أنطقه الله تعالى بقدرته فقال: أقسم بالله الذي روحي بيده لقد خلقني لأعذب هذه المرأة في القبر و في جهنم، قال الناس: ما فعلت؟ قال: کل هذا العذاب لأجل الترک العمدي لصلاة العشاء.
ب) جزاء تارک الصلاة يوم القيامة:
قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «اذا کان يوم القيامة يخرج من جهنم جنس من عقرب، رأسه في السماء السابعة، و ذنبه الى تحت الثرى، و فمه من المشرق الى المغرب، فيقول: أين من حارب الله و رسوله؟
ثم يهبط جبرائيل(عليه السلام) فيقول: يا عقرب من تريد؟ يقول العقرب: أريد خمسة نفر: تارک الصلاة، و مانع الزکاة، و آکل الربا، و شارب الخمر، و قوماً يحدثون في المسجد حديث الدنيا» (20).
يقول الکاتب: لا يستبعد وجود هذا الحيوان الکبير، لأنّ الخالق الذي أوجد نوعاً من جنس هذا الحيوان بشکل صغير في الدنيا له القدرة على خلق نوع کبير منه في الآخرة.
ج) يدخل تارک الصلاة الويل في جهنم:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (أنّ أمتي على أربعة أصناف: صنف يصلون لکنّهم يغفلون في صلاتهم فيکون مکانهم في الويل، و هو واد في جهنم کما قال الله تعالى «ويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون») (21).
ثمانية عشر عقوبة للمستهين بالصلاة:
قال ابن مسعود: سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول: «من تهاون في صلاته من الرجال و النساء عاقبه الله بثمانية عشر عقوبة: ست منها في الدنيا، و ثلاث أثناء الموت، و ثلاث في القبر، و ثلاث في المحشر، و ثلاث على الصراط».
أما التي لدى الموت:
«ذهاب البرکة من زرقه، و ذهاب البرکة من حياته، و ذهاب النور من وجهه، و لا حظّ له في الاسلام، و لا يشرکه الله في دعاء الصالحين، و لا يستجاب دعاؤه».
و أما التي لدى الموت:
«فالأولى: يموت ذليلا، فما أثقل ذلک عليه کأنّه حمل جبل، أو کأنّه يضرب بالسوط و يعجز عن رده، و الثانية: يموت عطشاناً و لو شرب ماء الدنيا لم يرو، و الثالثة: يموت جائعاً و لو أکل طعام الدنيا لم يشبع» .
و أما التي في القبر:
«فالأولى: الغم الشديد و يظلم عليه قبره، و الثانية: يضييق عليه القبر و يکون معذباً الى يوم القيامة، و الثالثة: لا تبشره الملائکة بالرحمة».
و أما التي في المحشر:
«فانّه يقوم على صورة الحمار، و يعطى کتابه بشماله، و يحاسبه الله حساباً طويلا».
و أما التي على الصراط:
«لا ينظر الله إليه، و لا يزکيه، و لا يقبل منه صرفاً و لا عدلا و يحاسبه الله على الصراط ألف عام، ثم يأمر به الى النار مع الداخلين في قوله تعالى: «ما سلککم في سقر قالوا لم نکُ من المصلين» (22).
أما الصنف الثاني فمکانهم في غىّ:
يتابع الرسول(صلى الله عليه وآله) حديثه فيقول: و صنف أحياناً يصلون و لا يصلون أحياناً أخرى، فهؤلاء جزاؤهم دخول «الغىّ» و هو اسم لمحطة من محطات جهنم، حيث قال الله تعالى: «فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة و اتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً» (23) و اضاعة الصلاة نقص في الطهارة أو الرکوع أو السجود أو واجب من واجباتها.
و أما الصنف الثالث فهم محل الشاهد:
«وصنف لا يصلون أبداً فکان لهم سقر، و هو واد في جهنم، يقول الله تعالى: «ما سلککم في سقر قالوا لم نک من المصلين»» .
و أما المصلون الحقيقيون:
و صنف يصلون دائماً بخشوع و خضوع، و يقول الله تعالى: «الذين هم في صلاتهم خاشعون».
هکذا يلقى تارک الصلاة في جهنم:
قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «يغضب الله يوم القيامة على عشر من أمتي و يأمر بإلقائهم في النار، قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: 1ـ الشيخ الزاني 2ـ الامام الضال، 3ـ الشارب للخمر، 4ـ عاق الوالدين، 5ـ رامي المحصنة، 6ـ الساعي بالنميمة،7ـ شاهد الزور، 8ـ مانع الزکاة، 9ـ تارک الصلاة; إعلموا أنّ عذاب تارک الصلاة يضاعف يوم القيامة، إنّه يأتي و يداه مغلولتان الى عنقه، و يضرب الملائکة وجهه و جبهته بسياط من نار، و تقول له الجنة «لست منّي و لا أنت من أهلي»، و تقول له النار: إقرب مني لأعذبنّک عذاباً شديداً، ثم تصرخ به جهنم فيدخلها مسرعاً، ثم يسقط فيها على رأسه ليصل الى الدرک الأسفل جنب قارون» ثم قال: «من ترک الصلاة عمداً بقي في النار ثمانين حقباً» (کل حقب يساوي ثلاثمائة و ثمانين يوماً، و کل يوم يعدل الدنيا من أولها الى آخرها أو 6400 سنةً).
عذاب و عقاب تارک الصلاة فى جهنم:
قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): إنّ في جهنم وادياً يستغيث أهل النار من حرارته سبعين ألف مرة في کل يوم، و في هذا الوادي بيت من النار، و في البيت تابوت من النار، و في التابوت ثعبان له ألف رأس، و في کل رأس ألف فم، و في کل فم ألف ناب، و کل ناب طوله ألف ذراع. قال أنس: قلت لرسول الله لمن هذا العذاب؟ قال: لشارب الخمر و تارک الصلاة.
عقاب من عاشر تارک الصلاة:
کما قرأتم إنّ الکلب و الخنزير و الکافر أفضل من تارک الصلاة، لأنّه لا مسؤولية و لا عقاب في النظر الى وجه الکلب و الخنزير و الکافر، و في إعانة هذه الحيوانات ثواب، لکن هناک عقاب لإعانة و معاشرة تارک الصلاة:
قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «من تبسم في وجه تارک الصلاة فکأنّما هدم البيت المعمور سبع مرات و کأنّما قتل ألف ملک من الملائکة المقربين و الأنبياء المرسلين» ثم قال: «لا تسلموا على تارک الصلاة و لا تجيبوا سلامه، و لا تسمحوا له، و اذا مرض لا تعودوه». هناک عقاب في الأکل مع تارک الصلاة:
قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) أيضاً: «من أکل مع من لا يصلي کأنّما قتل سبعين نبياً و کأنّما زنى بسبعين محصنة من بناته و أمّهاته و عماته و خالاته في البيت الحرام».
لا تجب إعانة تارک الصلاة:
قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «من أعان تارک الصلاة مثقال ملح فکأنّما زنى بأمه ألف مرة».
لا يجب إعطاء المائ و الخبز لتارک الصلاة:
قا النبي الکريم(صلى الله عليه وآله): «من أعان تارک الصلاة بشربة ماء فکأنّما حارب و جادل معي» و قال: «من أعان تارک الصلاة بلقمة أو بکسوة فکأنّما قتل سبعين نبياً».
و ذلک برغم أنّ في إعطاء الماء ثواباً جزيلا، کل تلک إلاّ لأجل إفهامه بخطئه و لکي يعود الى الله و لا يوجب على نفسه دخول جهنم.
جنازة تارک الصلاة ذليلة:
روى الصدوق في جامع الأخبار: قال النبي(صلى الله عليه وآله): «من ترک الصلاة ثلاثة أيام فاذا مات لا يغسل و لا يکفن و لايدفن بين قبور المسلمين».
عُذّب أهل الشاطئ بسبب ضرس تارک الصلاة:
لمامرّ موسى بن عمران(عليه السلام) على شاطئ النيل رأى أسماک الشاطئ في حالة من العذاب فسأل عن السبب، قالت الأسماک بلغته: في الزمن الماضي ابتلي شخص تارک للصلاة (کان في السفينة) بوجع الاسنان، فقلع ذلک السن ورماه في الشاطئ، و منذ أن ابتلعته أحدى الأسماک کنّا جميعاً في العذاب مشترکين.
يحدث الفساد من الماء الذي يغتسل به تارک الصلاة:
مرّ النبي عيسى(عليه السلام) بقرية ذات أشجار و أنهار و فيرة، فأکرم أهل تلک القرية النبي(عليه السلام) و استضافوه ضيافةً حسنةً، فتعجب من حسن سلوکهم و طاعتهم و إحسانهم و خرج عن تلک القرية، و بعد ثلاث سنين مرّ صدفةً على تلک القرية أيضاً، فرأى جميع أشجارها قد يبست، و عيونها قد جفّت و بيوتها قد تِهدمت، فأوحي إليه من قبل الله تعالى أنّ سبب خراب هذه القرية هو أنّ تارکاً للصلاة دخلها و اغتسل بماء أحد عيونها فتشاء مت منه و أصبحت خربةً. يا عيسى، کما يؤدي ترک الصلاة الى تهديم الدين فانّه يستلزم خراب الدنيا أيضاً.
عظم تارک الصلاة يؤدي الى عذاب مدينة:
شکا رجل الفقر الى رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فقال له النبي(صلى الله عليه وآله) ألا تصلي؟ قال: يا رسول الله أنا أصلي الفرائض الخمس معک، قال النبي(صلى الله عليه وآله): لعلک لا تصوم؟ قال: أصوم الأشهر الثلاثة رجب و شعبان و رمضان، قال النبي(صلى الله عليه وآله): لعلک تفعل مانهى الله عنه و تنهى عما أمر به؟ قال: حاشا لله أن أفعل ما يخالفه و يخالفک، فتغير النبي و أخذ يفکر متحيراً، فنزل جبرائيل الأمين حاملا رسالةً من رب العالمين و قال: يا رسول الله(صلى الله عليه وآله) العلي الأعلى يقرؤک السلام ويقول: علة حاجة هذا الرجل أنّ هناک بستان بجواره و فيه عصفور قد بنى عشاً فوق غصن أحد الأشجار، و يحوي هذا العش عظماً لتارک الصلاة، فلذلک ابتلي بالفقر و الفاقة. فأوصل النبي(صلى الله عليه وآله) الرسالة الألهية الى الرجل، فذهب و أخرج ذلک العظم من عش العصفور المذکور و رماه بعيداً عن منزله، فأصابه سعة في العيش و المال.
من أضاع الصلاة فهو مشبه لتارک الصلاة (24).
1.بحار الانوار، ج 74، ص 85.
2. سورة آل عمران، الآية 200.
3.بحار الانوار، ج82، ص 319.
4. بحار الانوار، ج 82، ص 220، الرواية 41، الباب 10.
5.التفسير الأمثل، ج 9، ص 261 ـ 269.
6.بحار الانوار، ج 71، الرواية 9، الباب 65، و کذلک ج 82، ص 200، الباب الأول. و جاءت أيضاً في الکافي،ج 2، ص 80، الرواية الرابعة.
7.نهج البلاغة، الکلمات القصار، الرقم 252.
8.نفس المصدر، الجملة 136، و کذلک بحار الانوار، ج 10، ص 99، الرواية 1، الباب 7، ج 82، ص 308، الرواية 5، ص 310.
9.نهج البلاغة، الرسائل و الوصايا، الوصية 47.
10.الکافى، ج 3، ص268، الرواية 4، و بحار الانوار، ج 42، ص 249، الرواية 51، الباب 127.
11.بحر الانوار، ج 84، ص 317، و ص 320; الکافي، ج 2، ص 386، الرواية 9.
12. وسائل الشيعة، ج 3، ص4 و التفسير الامثل، ج 16، ص 289 ـ 294.
13.التفسى الامثال، جظ
14.سورة الروم، الآية 31.
15.بحر الانوار، ج 82، ص 216، الرواية 32، الباب 1.
16.الکافي، ج 2، ص 287، الرواية 24.
17.بحار الانوار، ج 82، ص 202، الرواية 2.
18.بحار الانوار، ج 69، ص 66.
19.نفس المصدر، ج 82، ص 202.
20.بحار الانوار، ج 79 الرواية 63.
21.نفس المصدر، ص202، الرواية 1.
22.بحار الانوار، ج 83، ص 21، الرواية 39، باب 6.
23.سورة مريم، الآية 59.
24.اقتبس ما ذکر من بحث تارکي الصلاة الى الأخير من کتاب «جزاء الأعمال»، ج 2، ص 8 ـ 18.
نص الحديث:
« يا أباذر أتعلمُ في أىّ شيء أُنزلت هذهِ الآيةُ: «إصبروا و صابروا و رابطوا و اتقوا اللّهَ لعلُکُمْ تُفلحونَ» قلتُ: لا أدري فداکَ أبي و أمّي، قال: في إنتظار الصلاةِ خلفَ الصلاةَ»(1)
قالَ الصّادقُ عليه السّلام :
ما مِنْ عَيْنٍ بَکَتْ لَنا اِلاّ نُعِّمَتْ بَالنَّظَرِ اِلَى الْکَوْثَرِ وَ سُقِيَتْ مِنْهُ.
هيچ چشمى نيست که براى ما بگريد، مگر اينکه برخوردار از نعمتِ نگاه به (کوثر) مى شود و از آن سيرابش مى کنند.
جامع احاديث الشيعه ، ج 12، ص 554
لا يوجد تعليق