تخمين زمن المطالعة:1 الدقيقة
126 / أنواع التکبر
الخلاصة : شرح الحديث:
ذکرت مسألة التکبر في کثير من الآيات و الروايات، وتمّ التحذير منها لکون التکبر من العلل المهمة للمعصية.
جاء في المصادر الاسلامية: أول ذنب ارتکب في العالم ذنب أبليس، و کان ناشئاً من التکبر، و قد أدّى به الى الکفر، بل تمخض عن الاعتراض على الله جلّ و علا; إذا حلّلنا هذه المسألة بصورة صحيحة نجد أنّ سبب الکثير من المعاصي هو التکبر. و التکبر يتضمن أنواعاً لکلٍّ منها آثاره الخاصة:
1ـ إن کان التکبر مقابل الله سوف يؤدي الى عصيانه و هو يساوق عدم التسليم له، و هذا عدم الايمان بعينه، لأنّ غير المتکبر هو الذي يستسلم لله: «إنّ الّذينَ يََستکبرونَ عنْ عبادَتي سيدخُلونَ جهنَّمَ داخيرنَ» .
2ـ يکون التکبر أحياناً على عبادالله.
3ـ يحصل التکبر أحياناً أمام أوامر النبي(صلى الله عليه وآله).
4ـ أحياناً يحدث التکبر مقابل الحقّ; مثلا إنّي علمت أنّ الشئ الفلاني حقّ، لکنّ التکبر لايأذن لي بالخضوع له.
فروع التکبر:
العجيب أنّ للتکبر فروعاً و شعباً کثيرةً و متعددةً.
1ـ الأنانية و الغرور; 2ـ حب الذات و الخيلاء; 3ـ الغطرسة; 4ـ تعظيم الذات; 5ـ قمة الأنانية و الاعجاب بالنفس.
ملاحظة:
بدءاً يرى الانسان نفسه فقط ثم يعجب بنفسه و بعدها لايريد سواها،ثم يقارون نفسه مع الآخرين بالتدريج و يقول: إنّي أفضل من الجميع، و بعدئذ يقول: بما أنّي أفضل الجميع يجب أن أکون محوراً و قطباً فيدور الجميع حولي و هذا ما يسمى بالتمحور حول الذات و هو قمة الأنانية و الاعجاب بالنفس.
تسبب هکذا صفة اعتقاد الشخص بامتلاکه أفضل و أرفع منزلة في المجتمع و يعتبر الآخرين عبيداً له. طبعاً يمکن أن تکون هناک فروعاً أخرى.
آثار التکبر:
عدّوا للتکبر آثاراً جمّةً من ضمنها:
يلقي التکبر غشاءاً بين المرء و عيوبه فيؤدي الى عدم رؤيته لها، بل يراها محاسناً، يرى نقاط الضعف نقاط قوة، فالمسکين و الشقي من لم يستطع تحديد محاسنه من عيوبه نتيجة الغرر و الأنانية، و هذا أکبر العراقيل بوجه تکامل الانسان.
أهم مرحلة استند عليها علماء الأخلاق الذين کتبوا عن السير و السلوک هي مرحلة التکبر، أى لا توجد أىّ مرحلة أسمى و أرفع منها برأيهم، لأنّ المرء لايصل الى منزلة لقاء الله و القرب الالهي إلاّ عندما يستطيع أن ينسى نفسه ولا يرى و لا يطلب سوى الله، و لا يفکر في غيره. إن لم ينسَ نفسه يفکر فيها و التفکير بالذات شرک أيضاً. الموحد الحقيقي هو الذي يذوب في جماله فقط، و هذه مسألة عسيرة جداً، لأنّ طالب العلم في مظانّ هذه المسألة، فيقدم الناس للسلام عليه و يحترمونه و يکرمونه، و يصلون على النبي لأجله، و يوصل بعض المتملقين الانسان الى قمة العرش بکلامهم المعسول.
يحتاج الانسان هنا الى روح قوية و مقتدرة جداً لکي لا يغترّو ينسى نفسه.
سئل في ذيل الحديث: يا رسول الله هل ينجو من الکبر أحد؟ فقال النبي: نعم، ثم ذکر أشياءاً للمثال طبعاً، مثل أن يلبس المرء الصوف، و أن لا يکون مرکبه جالباً للتکبر، و أن يحلب حيوانه بيده، و يجالس الفقراء و المساکين. باختصار المراد کسر صنم التکبر.
عوامل تحطيم الغرور:
يغترّ أغلب الناس بالحصول على الامکانيات المادية و الوصول الى المنصب و المنزلة، و هذا الغرور من أکبر أعداء سعادة البشر، و کما جاء في القرآن الکريم يکون الشرک و الکفر عاقبة الغرور. من أجل ذلک استعمل القرآن الکريم ـ الکتاب التربوي الممتاز ـ طرقاً مختلفةً لهدم و سحق ذلک الغرور: يصور أحياناً الفناء و العدم و عدم الاستقرار للثروات المادية، و يحذر أحياناً أخرى من أنّ هذا الثروات يمکنها أن تصبح عدوةً لکم ، و ينبّه الناس أحياناً عن طريق ذکر مصير المغرورين في التاريخ کقارون و فرعون، و يمسک أحياناً يد الانسان لينقله الى ماضيه، يعني عندما کان نطفةً تافهةً أو تراباً عديم القيمة، أو يصور له مستقبله الذي لا يختلف کثيراً عن ماضيه، ليعلم أنّ الغرور عمل أحمق بين هذين الضعفين و العجزين، (مثل: الطارق الآية 6; السجدة الآية 8; القيامة الآية 38).
و على هذا فالقرآن استفاد من جميع الوسائل لإحباط هذه الصفة و العادة الشيطانية التي کانت سبباً لجرائم عظيمة على مرّ التاريخ.
لکن من المسلّم أنّ المؤمنين الواقعيين و ذوي التحمل الکبير لايفتتنون بهذه الصفة القبيحة بنيلهم منصباً أو ثروةً أبداً. أولئک لايغترّون فحسب بل لايقع أدنى تغيير في برنامج حياتهم، إنّهم يعتبرون جميع هذه الأمور زينةً مستعارةً تنهار بهبوب النسيم .
التکبر في روايات أهل البيت(عليه السلام):
1ـ نقرأ في کتاب نهج البلاغة في «الخطبة القاصعة» عن أميرالمؤمنين(عليه السلام) أثناء ذم الکبر و الغرور: «فاعتبروا بما کانَ من فعلِ اللهِ بابليسَ إذ أحبطَ عملَهُ الطويلَ، وجَهدَهُ الجهيدَ، و کان قد عبدَاللهَ ستّةَ آلافِ سنة ... عن کبرِ ساعة واحدة. فمن ذا بعدَ إبليسَ يسلمُ على اللهِ بمثلِ معصيتِهِ، و أهلِ الأرضِ کلاّ، ما کانَ اللهُ سبحانَهُ ليُدخلَ الجنّةَ بشراً بأمر أخرجَ بهِ منها ملکاً. إنّ حکمَهُ في أهلِ السماءِ و الأرضِ لواحدٌ».
2ـ نقل عن الامام الصادق(عليه السلام) أنّه قال: «أصولُ الکفرِ ثلاثةٌ: الحرصُ و الاستکبارُ و الحسدُ. فأمّا الحرصُ فإنّ آدمَ حين نُهيَ عن الشجرةِ حملَهُ الحرصُ على أن أکل مَنها،و أمّا الاستکبارُ فابليسُ حيثُ أمُرَ بالسجودِ لآدمَ فأبى، و أمّا الحسدُ فابنا آدمَ حيثُ قتلَ أحدُهُما صاحَبهُ»
3ـ نقرأ في رواية عن الامام الباقر و الامام الصادق(عليه السلام): «لايدخلُ الجنّةَ من في قلبِهِ مثقالُ ذرّة من کبر»
4ـ نقل عن الامام علي(عليه السلام) أنّه قال: «التعزّزُ بالتکبّرِ ذُلٌّ» .
5ـ من نصائح الله تعالى لموسى(عليه السلام): «يا موسى ضعِ الکبرَ ودَعِ الفخرَ و اذکُرْ أنّکَ ساکنُ القبرِ فيمنعْکَ ذلکَ من الشهواتِ»
نص الحديث:
«يا أباذر مَن ماتَ و في قلبِهِ مثقالُ ذرّة من کبْر لم يجدْ رائحةَ الجنّةِ، إلاّ أن يتوبَ قبلَ ذلکَ.
يا أباذر أکثرْ من يدخلُ النارَ المستکبرونَ، فقالَ، رجلٌ: و هل ينجُو من الکبر أحدٌ يا رسولَ اللهِ؟ قال: نَعُم، من لبسَ الصوفَ و رکبَ الحمارَ ... و جالَسَ المساکينَ.»
لا يوجد تعليق