الجواب الاجمالي:
الجواب التفصيلي:
اتّفق المسلمون على استحباب زيارة القبور للرجال، و إنّما الكلام في استحبابها أو جوازها للنساء، فأكثر أهل السنّة على الاستحباب. قال ابن حجر: واختلف في النساء، فقيل دُخلن في عموم الإذن، وهو قول الأكثر، وقيل الإذن خاص بالرجال، ولا يجوز للنساء زيارة القبور، وبه قال الشيخ أبو إسحاق في المهذب(1).
ونقل النووي في شرحه على «صحيح مسلم» أقوالًا ثلاثة: أ. الحرمة، ب. الكراهة، ج. الجواز(2).
هذه الكلمات تعرب عن اختلاف الآراء فكان الأكثر على الجواز، و هو الحقّ المتعيّن للأدلة التالية:
1. حديث عائشة؛ أخرج النسائي في سننه عن عائشة، انّها قالت: «أَلَا أُحَدِّثُكُمْ عَنِّي، وَعَنِ النَّبِيِّ (ص)؟ قُلْنَا: بَلَى، قَالَتْ: لَمَّا كَانَتْ لَيْلَتِي الَّتِي هُوَ عِنْدِي ـ تَعْنِي النَّبِيَّ (ص)ـ انْقَلَبَ فَوَضَعَ نَعْلَيْهِ عِنْدَ رِجْلَيْهِ، وَبَسَطَ طَرَفَ إِزَارِهِ عَلَى فِرَاشِهِ، فَلَمْ يَلْبَثْ إِلَّا رَيْثَمَا ظَنَّ أَنِّي قَدْ رَقَدْتُ، ثُمَّ انْتَعَلَ رُوَيْدًا، وَأَخَذَ رِدَاءَهُ رُوَيْدًا، ثُمَّ فَتَحَ الْبَابَ رُوَيْدًا، وَخَرَجَ رُوَيْدًا، وَجَعَلْتُ دِرْعِي فِي رَأْسِي، وَاخْتَمَرْتُ، وَتَقَنَّعْتُ إِزَارِي، وَانْطَلَقْتُ فِي إِثْرِهِ حَتَّى جَاءَ الْبَقِيعَ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَأَطَالَ ثُمَّ انْحَرَفَ، فَانْحَرَفْتُ، فَأَسْرَعَ، فَأَسْرَعْتُ، فَهَرْوَلَ فَهَرْوَلْتُ، فَأَحْضَرَ فَأَحْضَرْتُ، وَسَبَقْتُهُ فَدَخَلْتُ فَلَيْسَ إِلَّا أَنْ اضْطَجَعْتُ، فَدَخَلَ فَقَالَ: مَا لَكِ يَا عَائِشَةُ حَشْيَا رَابِيَةً؟، قَالَتْ: لَا، قَالَ: لَتُخْبِرِنِّي أَوْ لَيُخْبِرَنِّي اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَأبِي أَنْتَ وَأُمِّي، فَأَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ، قَالَ: فَأَنْتِ السَّوَادُ الَّذِي رَأَيْتُ أَمَامِي؟ قَالَتْ: نَعَمْ، فَلَهَزَنِي فِي صَدْرِي لَهْزَةً أَوْجَعَتْنِي، ثُمَّ قَالَ: أَظَنَنْتِ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ؟، قُلْتُ: مَهْمَا يَكْتُمُ النَّاسُ فَقَدْ عَلِمَهُ اللَّهُ، قَالَ: فَإِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي حِينَ رَأَيْتِ، وَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيَّ، وَقَدْ وَضَعْتِ ثِيَابَكِ، فَنَادَانِي فَأَخْفَى مِنْكِ، فَأَجَبْتُهُ فَأَخْفَيْتُهُ مِنْكِ، فَظَنَنْتُ أَنْ قَدْ رَقَدْتِ، وَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَكِ، وَخَشِيتُ أَنْ تَسْتَوْحِشِي، فَأَمَرَنِي أَنْ آتِيَ الْبَقِيعَ، فَأَسْتَغْفِرَ لَهُمْ، قُلْتُ: كَيْفَ أَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: قُولِي السَّلَامُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، يَرْحَمُ اللَّهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَالْمُسْتَأْخِرِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ».(3)
وجه الدلالة: انّ تعليم الزيارة آية جوازالعمل بها؛ الاستدلال منصبّ على أنّه (ص) علّمها الزيارة، وعندئذٍ لا يخلو الحال من صورتين:
الصورة الأُولى: علّمها و كانت الزيارة للنساء مستحبة أو جائزة.
الصورة الثانية: علّمها و كانت الزيارة لهنّ محرمة.
فعلى الأُولى يثبت المطلوب، وعلى الثانية يلزم اللغوية كما هو واضح، لأنّه (ص) كيف يعلمها الزيارة المحرمة، و هذا أشبه بتعليم الحرام؟!
2. حديث بريدة؛ أخرج مسلم في صحيحه، عن بريدة، قال: قال رسول اللَّه (ص): نهيتُكم عن زيارة القبور فزوروه(4) وأخرجه النسائي في سننه عنه مثل ذلك، وزاد: فمن أراد فليزر ولا تقولوا هجراً(5).
3. حديث أبي هريرة؛ وأخرج ابن ماجة في سننه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه (ص): زوروا القبور فانّها تذكّركُم الآخرة. وفي نقل آخر: فزوروا القبور فإنّها تذكّركم الموت(6).
4. حديث ابن مسعود؛ أخرج ابن ماجة في سننه، عن ابن مسعود، انّ رسول اللَّه (ص) قال: كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فانّها تُزهّد في الدّنيا وتذكّر الآخرة(7).
في هذه الاحاديث نسخ النبي (ص) النّهي عن زيارة القبور وامر بالزّيارة بلفظ « زوروا »، و وجه الاستدلال هو عموم الخطاب للرجال و النساء و لا يضرّ تذكير الضمير، لأنّ خطابات القرآن و السنّة تعمّ الصنفين إلّا ما خرج بالدليل.
أضف إلى ذلك انّ التعليل في الحديث آية الشمول، لأنّ قوله: فإنّها تذكّركم الآخرة لا يقبل التخصيص، و هل يصحّ في منطق العقل الصريح، اختصاص ما يذكّر الآخرة بالرجال وحرمان النساء منه؟!
5. حديث أنس بن مالك؛ أخرج البخاري في صحيحه، عن أنس بن مالك، قال: «مرَّ النبي بامرأة تبكي عند قبر، فقال: اتقي اللَّه واصبري، قالت: إليك عنّي فانّك لم تُصب بمصيبتي ولم تعرفه. فقيل لها: إنّه النبيّ (ص)، فأتت باب النبي (ص) فلم تجد عنده بوابين، فقالت: لم أعرفك، فقال: إنّما الصبر عند الصدمة الأُولى(8).
وجه الدلالة: انّ النبي (ص) أوصاها بالتقوى والصبر- و كأنّها قالت في كلامها شيئاً يخالف التقوى- و لم ينهاها عن الزيارة و الوقوف عند القبر.
6. زيارة عائشة قبر أخيها؛ أخرج الترمذي في سننه، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: تُوُفِّيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ بِحُبْشِيٍّ قَالَ: فَحُمِلَ إِلَى مَكَّةَ، فَدُفِنَ فِيهَا، فَلَمَّا قَدِمَتْ عَائِشَةُ أَتَتْ قَبْرَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَتْ:
وَكُنَّا كَنَدْمَانَيْ جَذِيمَةَ حِقْبَةً ... مِنَ الدَّهْرِ حَتَّى قِيلَ لَنْ يَتَصَدَّعَا
فَلَمَّا تَفَرَّقْنَا كَأَنِّي وَمَالِكًا ... لِطُولِ اجْتِمَاعٍ لَمْ نَبِتْ لَيْلَةً مَعَا
ثُمَّ قَالَتْ: وَاللَّهِ لَوْ حَضَرْتُكَ مَا دُفِنْتَ إِلاَّ حَيْثُ مُتَّ، وَلَوْ شَهِدْتُكَ مَا زُرْتُكَ(9).
والمتبادر من العبارة انّها لما قدمت مكة ذهبت إلى زيارة قبر أخيها لا انّها مرّت عليه عفواً في طريقها إلى مكة. و أمّا قولها: «و لو شهدتك لما زرتك» فهو بمعنى انّي بما ان لم أؤدّي حقّك في حال حياتك، فلذلك أزورك بعد مماتك ولو كنت مؤدية لحقّك لما تحملت عبء زيارتك.
7. زيارة السيدة فاطمة عليها السلام قبرحمزة؛ أخرج الحاكم في مستدركه، عن علي بن الحسين، عن أبيه: انّ فاطمة عليها السلام بنت النبي (ص) كانت تزور قبرعمّها حمزة كلّ جمعة و تبكي عنده(10).
هذه الروايات العديدة الصحيحة تدل بوضوح على جواز الزيارة للنساء، وفي الختام نعكس رأي الإمامية في مسألة زيارة القبور للنساء ونكتفي بكلمة العلّامة الحلي في كتاب «منتهى المطلب» الذي ألّفه في الفقه المقارن، قال: يجوز للنساء زيارة القبور، وعن أحمد روايتان: إحداهما: الكراهة. لنا: ما رواه الجمهور عن النبي (ص): كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروه وهو بعمومه يتناول النساء. وعن ابن أبي مليكة انّه قال لعائشة: يا أُمّ المؤمنين من أين أقبلت؟ قالت: من قبر أخي عبد الرحمن، فقلت لها: قد نهى رسول اللَّه (ص) عن زيارة القبور؟ قالت: نعم، قد نهى ثمّ أمر بزيارتها(11) ومن طريق الخاصة: ما رواه الشيخ عن يونس، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: إنّ فاطمة عليها السلام كانت تأتي قبور الشهداء في كلّ غداة سبت، فتأتي قبر حمزة و تترحم عليه و تستغفر له(12).(13)
ونقل النووي في شرحه على «صحيح مسلم» أقوالًا ثلاثة: أ. الحرمة، ب. الكراهة، ج. الجواز(2).
هذه الكلمات تعرب عن اختلاف الآراء فكان الأكثر على الجواز، و هو الحقّ المتعيّن للأدلة التالية:
1. حديث عائشة؛ أخرج النسائي في سننه عن عائشة، انّها قالت: «أَلَا أُحَدِّثُكُمْ عَنِّي، وَعَنِ النَّبِيِّ (ص)؟ قُلْنَا: بَلَى، قَالَتْ: لَمَّا كَانَتْ لَيْلَتِي الَّتِي هُوَ عِنْدِي ـ تَعْنِي النَّبِيَّ (ص)ـ انْقَلَبَ فَوَضَعَ نَعْلَيْهِ عِنْدَ رِجْلَيْهِ، وَبَسَطَ طَرَفَ إِزَارِهِ عَلَى فِرَاشِهِ، فَلَمْ يَلْبَثْ إِلَّا رَيْثَمَا ظَنَّ أَنِّي قَدْ رَقَدْتُ، ثُمَّ انْتَعَلَ رُوَيْدًا، وَأَخَذَ رِدَاءَهُ رُوَيْدًا، ثُمَّ فَتَحَ الْبَابَ رُوَيْدًا، وَخَرَجَ رُوَيْدًا، وَجَعَلْتُ دِرْعِي فِي رَأْسِي، وَاخْتَمَرْتُ، وَتَقَنَّعْتُ إِزَارِي، وَانْطَلَقْتُ فِي إِثْرِهِ حَتَّى جَاءَ الْبَقِيعَ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَأَطَالَ ثُمَّ انْحَرَفَ، فَانْحَرَفْتُ، فَأَسْرَعَ، فَأَسْرَعْتُ، فَهَرْوَلَ فَهَرْوَلْتُ، فَأَحْضَرَ فَأَحْضَرْتُ، وَسَبَقْتُهُ فَدَخَلْتُ فَلَيْسَ إِلَّا أَنْ اضْطَجَعْتُ، فَدَخَلَ فَقَالَ: مَا لَكِ يَا عَائِشَةُ حَشْيَا رَابِيَةً؟، قَالَتْ: لَا، قَالَ: لَتُخْبِرِنِّي أَوْ لَيُخْبِرَنِّي اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَأبِي أَنْتَ وَأُمِّي، فَأَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ، قَالَ: فَأَنْتِ السَّوَادُ الَّذِي رَأَيْتُ أَمَامِي؟ قَالَتْ: نَعَمْ، فَلَهَزَنِي فِي صَدْرِي لَهْزَةً أَوْجَعَتْنِي، ثُمَّ قَالَ: أَظَنَنْتِ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ؟، قُلْتُ: مَهْمَا يَكْتُمُ النَّاسُ فَقَدْ عَلِمَهُ اللَّهُ، قَالَ: فَإِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي حِينَ رَأَيْتِ، وَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيَّ، وَقَدْ وَضَعْتِ ثِيَابَكِ، فَنَادَانِي فَأَخْفَى مِنْكِ، فَأَجَبْتُهُ فَأَخْفَيْتُهُ مِنْكِ، فَظَنَنْتُ أَنْ قَدْ رَقَدْتِ، وَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَكِ، وَخَشِيتُ أَنْ تَسْتَوْحِشِي، فَأَمَرَنِي أَنْ آتِيَ الْبَقِيعَ، فَأَسْتَغْفِرَ لَهُمْ، قُلْتُ: كَيْفَ أَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: قُولِي السَّلَامُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، يَرْحَمُ اللَّهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَالْمُسْتَأْخِرِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ».(3)
وجه الدلالة: انّ تعليم الزيارة آية جوازالعمل بها؛ الاستدلال منصبّ على أنّه (ص) علّمها الزيارة، وعندئذٍ لا يخلو الحال من صورتين:
الصورة الأُولى: علّمها و كانت الزيارة للنساء مستحبة أو جائزة.
الصورة الثانية: علّمها و كانت الزيارة لهنّ محرمة.
فعلى الأُولى يثبت المطلوب، وعلى الثانية يلزم اللغوية كما هو واضح، لأنّه (ص) كيف يعلمها الزيارة المحرمة، و هذا أشبه بتعليم الحرام؟!
2. حديث بريدة؛ أخرج مسلم في صحيحه، عن بريدة، قال: قال رسول اللَّه (ص): نهيتُكم عن زيارة القبور فزوروه(4) وأخرجه النسائي في سننه عنه مثل ذلك، وزاد: فمن أراد فليزر ولا تقولوا هجراً(5).
3. حديث أبي هريرة؛ وأخرج ابن ماجة في سننه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه (ص): زوروا القبور فانّها تذكّركُم الآخرة. وفي نقل آخر: فزوروا القبور فإنّها تذكّركم الموت(6).
4. حديث ابن مسعود؛ أخرج ابن ماجة في سننه، عن ابن مسعود، انّ رسول اللَّه (ص) قال: كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فانّها تُزهّد في الدّنيا وتذكّر الآخرة(7).
في هذه الاحاديث نسخ النبي (ص) النّهي عن زيارة القبور وامر بالزّيارة بلفظ « زوروا »، و وجه الاستدلال هو عموم الخطاب للرجال و النساء و لا يضرّ تذكير الضمير، لأنّ خطابات القرآن و السنّة تعمّ الصنفين إلّا ما خرج بالدليل.
أضف إلى ذلك انّ التعليل في الحديث آية الشمول، لأنّ قوله: فإنّها تذكّركم الآخرة لا يقبل التخصيص، و هل يصحّ في منطق العقل الصريح، اختصاص ما يذكّر الآخرة بالرجال وحرمان النساء منه؟!
5. حديث أنس بن مالك؛ أخرج البخاري في صحيحه، عن أنس بن مالك، قال: «مرَّ النبي بامرأة تبكي عند قبر، فقال: اتقي اللَّه واصبري، قالت: إليك عنّي فانّك لم تُصب بمصيبتي ولم تعرفه. فقيل لها: إنّه النبيّ (ص)، فأتت باب النبي (ص) فلم تجد عنده بوابين، فقالت: لم أعرفك، فقال: إنّما الصبر عند الصدمة الأُولى(8).
وجه الدلالة: انّ النبي (ص) أوصاها بالتقوى والصبر- و كأنّها قالت في كلامها شيئاً يخالف التقوى- و لم ينهاها عن الزيارة و الوقوف عند القبر.
6. زيارة عائشة قبر أخيها؛ أخرج الترمذي في سننه، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: تُوُفِّيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ بِحُبْشِيٍّ قَالَ: فَحُمِلَ إِلَى مَكَّةَ، فَدُفِنَ فِيهَا، فَلَمَّا قَدِمَتْ عَائِشَةُ أَتَتْ قَبْرَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَتْ:
وَكُنَّا كَنَدْمَانَيْ جَذِيمَةَ حِقْبَةً ... مِنَ الدَّهْرِ حَتَّى قِيلَ لَنْ يَتَصَدَّعَا
فَلَمَّا تَفَرَّقْنَا كَأَنِّي وَمَالِكًا ... لِطُولِ اجْتِمَاعٍ لَمْ نَبِتْ لَيْلَةً مَعَا
ثُمَّ قَالَتْ: وَاللَّهِ لَوْ حَضَرْتُكَ مَا دُفِنْتَ إِلاَّ حَيْثُ مُتَّ، وَلَوْ شَهِدْتُكَ مَا زُرْتُكَ(9).
والمتبادر من العبارة انّها لما قدمت مكة ذهبت إلى زيارة قبر أخيها لا انّها مرّت عليه عفواً في طريقها إلى مكة. و أمّا قولها: «و لو شهدتك لما زرتك» فهو بمعنى انّي بما ان لم أؤدّي حقّك في حال حياتك، فلذلك أزورك بعد مماتك ولو كنت مؤدية لحقّك لما تحملت عبء زيارتك.
7. زيارة السيدة فاطمة عليها السلام قبرحمزة؛ أخرج الحاكم في مستدركه، عن علي بن الحسين، عن أبيه: انّ فاطمة عليها السلام بنت النبي (ص) كانت تزور قبرعمّها حمزة كلّ جمعة و تبكي عنده(10).
هذه الروايات العديدة الصحيحة تدل بوضوح على جواز الزيارة للنساء، وفي الختام نعكس رأي الإمامية في مسألة زيارة القبور للنساء ونكتفي بكلمة العلّامة الحلي في كتاب «منتهى المطلب» الذي ألّفه في الفقه المقارن، قال: يجوز للنساء زيارة القبور، وعن أحمد روايتان: إحداهما: الكراهة. لنا: ما رواه الجمهور عن النبي (ص): كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروه وهو بعمومه يتناول النساء. وعن ابن أبي مليكة انّه قال لعائشة: يا أُمّ المؤمنين من أين أقبلت؟ قالت: من قبر أخي عبد الرحمن، فقلت لها: قد نهى رسول اللَّه (ص) عن زيارة القبور؟ قالت: نعم، قد نهى ثمّ أمر بزيارتها(11) ومن طريق الخاصة: ما رواه الشيخ عن يونس، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: إنّ فاطمة عليها السلام كانت تأتي قبور الشهداء في كلّ غداة سبت، فتأتي قبر حمزة و تترحم عليه و تستغفر له(12).(13)
لا يوجد تعليق