بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
واما المساکن فقد ذکر لها اقسام واحتمالات:
منها: الاراضي المختصة بالامام (ع) اما لکونها مغنومة بغير اذنه بناء على کونها له او لکونها من الانفال.
منها: ما تعلق به الخمس اذا کانت مفتوحة باذنه (ع) على القول به.
منها: المنتقلة الى الشيعة من غيرهم اذا کانت متعلقة للخمس.
منها: ما انتقلت اليهم ممن يعتقد الخمس ولم يخمس امواله والانتقال اما بالوراثة او الهبة او غيرهما.
ومنها: اشترائها بثمن فيه الخمس کما اذا کان من ارباح السنة الماضية.
هذا ولکن قد عرفت عدم ورود دليل في خصوص المساکن، ورواية العوالي مضافا الى ضعف سندها بالارسال وبما في نفس الکتاب من الکلام، يوجد في متنها من الاختلاف في الکتب ما ربما يسقطها عن الحجية، فقد روي الذيل في بعضها ولم يرو في بعض آخر، وعدم ثبوت عمل المشهور بها لان الشهرة في المسألة غير ثابتة.
وقد استدل المحقق الميلاني له بما ورد في حديث مسمع بن عبد الملک من اباحة الارض کلها للشيعة وکذلک ما ورد في رواية يونس بن ظبيان او المعلى بن خنيس في هذا الباب.
لکن الظاهر انهما ناظرتان الى نوع آخر من الملک الذي في طول الملک المتعارف، لان مفهومها ان جميع الاراضي وما يخرج منها لهم ـ عليهم السلام ـ فلا تصل النوبة الى الخمس.
سلمنا لکنهما لا تختصان بالمساکن، بل تشملان جميع انواع الاراضي مما هي خارجة عن محل الکلام.
سلمنا لکن الظاهر انهما من روايات التحليل المطلق، وقد عرفت ان التحليل بقول مطلق محل الاشکال الا ان يکون في خصوص الانفال فتدبر جيدا.
واما المتاجر فقد ذکر في المسالک انها ما يشترى من الغنائم المأخوذة من اهل الحرب حالة الغيبة وان کانت باسرها او بعضها للامام (ع) او ما يشترى ممن لا يعتقد الخمس کالمخالف مع وجوب الخمس فيها، وقد علل اباحة هذه الثلاثة في الاخبار بطيب الولادة وصحة الصلوة وحل المال.
وقال المحقق الهمداني : «والمراد بالمتاجر المال المنتقل اليه ممن لا يخمس، والقدر المتيقن منه الذي يمکن دعوى انصراف اخبار التحليل اليه انما هو فيما اذا کان ممن يستحل الخمس کالمخالف وشبهه لا مطلق من لا يخمس».
وقد ذکر العلامة الميلاني بان المتاجر على انحاء: تارة يشترى من الانفال ممن لا يعتقد الخمس، واخرى يتعامل مع من لا يعتقد الخمس (ويکون ذلک من غير الانفال) وثالثةً يتعامل مع من يعتقده، ورابعة تکون التجارة بنفس الانفال مثل ما يتخذه من الاجام والاحجار في الاراضي الموات، وخامسة ينجبر بامواله ويربح ولا يخمس اصلا، وسادسة يتجر ويربح ويؤخر الربح الى آخر السنة.
اقول: قد عرفت انه لا دليل على استثناء المساکن والمتاجر الاّ مرسلة عوالي اللئالي بما فيها من الاشکال. نعم في بعض اخبار التحليل وقع السؤال عن الارباح والاموال والتجارات التي ثبت حقهم فيها، فاجيب بعدم الاخذ منه في تلک الايام العسرة (مثل ما رواه يونس بن يعقوب وقد مر ذکره).
وفي مصححة الحارث بن المغيرة التعبير بالغلات والتجارات ونحوها مما يثبت حقوقهم فيها (وقد مر ذکرها ايضا).
وفي رواية تفسير الامام العسکري(ع) حلية المنافع من المآکل والمشارب.
الى غير ذلک من اشباهه، ولکن الظاهر انها عامة شاملة لجميع الاموال ولا اختصاص بالمتاجر فهي داخلة في اخبار التحليل مطلقا، وقد عرفت وجوب حملها على محامل مختلفة لدلالة ما هو اصرح واکثر واقوى متنا وسندا على عدم التحليل المطلق.
نعم هناک سيرة مستمرة قوية على عدم تخميس ما يقع في ايدي الشيعة من اهل الذمة، او من المخالفين الذين لا يعتقدون بالخمس مع انهم عندنا مکلفون بالفروع کما انهم مکلفون بالاصول، مضافا الى ظهور ادلة الخمس في انه وضعي وحق يتعلق بنفس المال ايّاً کان مالکه من دون فرق بين انتقال هذه الاموال اليهم من طريق البيع والتجارة، او الهبة والهدية، او الميراث وغيرها.
فلو کان الخمس واجبا في هذه الاموال على من ينتقل اليه، لظهر وبان ولم يخف على احد کما هو ظاهر.
هذا ولکن لا يختص هذا الدليل بخصوص التجارات او المناکح والمساکن، بل يشمل کلما انتقل اليهم باي نحو انتقل من دون فرق بين موارده، ويمکن الاستدلال له ايضا ببعض ما مر من الروايات السابقة مع اخذ القدر المتيقن منها.
هذا ويظهر من بعض اعلام اهل العصر من اساتذتنا عدم الفرق بين ما ينتقل ممن يعتقد بالخمس وممن لا يعتقد، فاذا انتقل الى انسان مال من الشيعة المعتقدين بالخمس ويعلم وجود الخمس فيه ويکون المالک عاصيا في عدم دفعه، يکون حلالا للمنتقل اليه.
واعترف بان هذا الحکم مخالف لظاهر الاصحاب حيث قيدوا الحکم بمن لا يعتقد الخمس، ولکن استدل على مختاره باطلاق الروايتين: رواية يونس بن يعقوب فان السؤال فيها عن مطلق ما يقع في الايدي من الاموال والارباح وتجارات مع حکم الامام (ع) بالتحليل في ذيله، ولا وجه لتقييده بخصوص من لا يعتقد.
ورواية أبي سلمة سالم بن مکرم حيث اطلق التحليل فيها ايضا، ولا وجه لتقييدها بخصوص من لا يعتقد.
وقد حکم بصحة سند الروايتين، واستفاد منهما التفصيل بين الخمس الواجب على المکلف بنفسه ابتداء فلا تحليل، وبين ما انتقل اليه من الغير فلا خمس فيه.(انتهى کلامه ملخصا)
وظني اني اذا کنت في محضره دام علاه قبل اربعين عاما في النجف الاشرف کان يستدل بالسيرة ايضا في هذه المسألة وکان يعتقد ان في نفس البلد اناساً کثيرين لا يعطون خمس اموالهم، واهل التقوى لا مناص لهم من معاشرتهم وانواع المعاملات معهم.
هذا ولکن يشکل الاعتماد على هذا العموم بعد امکان حمل افعال الشيعة على الصحة غالبا، مضافا الى عدم العلم التفصيلى او الاجمالي في محل الابتلاء فيما ينتقل من بعضهم الى بعض.
مضافا الى ان الرواية الاولى ظاهرة ـ کما مر غير مرة ـ في تحليل جميع الخمس بلا فرق بين موارده في برهة خاصة من الزمان، وکان زمانا عسرا حرجا ولا دلالة له على التحليل في جميع الازمنة.
واما الثانية فهي ايضا قابلة للاشکال سندا ودلالة، اما من ناحية السند فلاختلاف ارباب الرجال في سالم بن مکرم (ابي خديجة) فقد صرح بعضهم بانه ثقة ثقة روى عن أبي عبدالله(ع) ولکن صرح الشيخ في بعض کلماته ان ابا خديجة سالم بن مکرم ويکنى ابا سلمة ايضا ضعيف، وقد رووا انه کان من اصحاب أبي الخطاب الملعون (اسمه محمد بن المقلاص) کان مستقيما في اول امره ثم ادعى النبوة واظهر الاباحات، ولما ظهر امرهم في ذلک امر المنصور عامله بالکوفة وهو وعيسى بن موسى (وکانوا في مسجد الکوفة حينئذ) فقتلهم جميعا لم يفلت منهم الا رجل واحد سقط في القتلى، فلما جنه الليل خرج من بينهم وهو ابو سلمة سالم بن مکرم الملقب بابي خديجة.
لکن سيدنا الاستاذ دام علاه قد اصر في کلامه على ان الثقة هو سالم بن مکرم أبي خديجة، وقد کناه الصادق(ع) بابي سلمة کما ورد في کلام النجاشي، والذي محکوم بالضعف هو سالم بن أبي سلمة الکندي السجستاني الذي وصفه النجاشي بان حديثه ليس بالنقي وان کنا لا نعرف منه الاّ خيراً (وقد ضعفه في الخلاصة) وان الشيخ انما ضعف سالم بن مکرم لظنه ان ابا سلمة هو کنية مکرم، حيث قال: «سالم بن مکرم يکنى ابا خديجة ومکرم يکنى ابا سلمة» فجعل ابا سلمة کنية لابيه لا کنية لنفسه.
هذا ولکن ورد التصريح في رواية الکشي بان سالم بن مکرم الذي کانت کنيته ابا خديجة ثم کنّاه الصادق (ع) بابي سلمة هو الذي کان من اصحاب ابي الخطاب الملعون، ثم بعد ذلک تاب ورجع فکيف يمکن الإعتماد عليه ومجرد توبته بعد ذلک لا يجعله ثقة، ولذا توقف فيه العلامة في الخلاصة لتعارض الاقوال فيه فيشکل الاعتماد على سند الرواية.
واما من حيث الدلالة ايضا مضطربة لان صدرها ناظر الى خصوص المناکح للسؤال عن حلية الفروج، وتفسير الذيل بالاعم الذي صدر من غير السائل لا يجعله عاما، ويمکن حمل ذيلها ايضا على خصوص المناکح والا کان تفسيرا لا يوافق سؤال السائل.
سلمنا لکنها من الروايات المطلقة الدالة على التحليل في تجارات النفس وغيرها، فليحمل على بعض ما مر سابقا.
وبالجملة يشکل الإعتماد على ما افاده من العموم فيمن يعتقد بالخمس ومن لا يعتقد.
* * *
بقي هنا شيء: وهو انه يمکن ان يقال لولا حلية الاموال المأخوذة المتعلقة بالخمس ممن يعتقد وممن لا يعتقد، لوقعنا في حرج اکيد وعسر عسير لکثرة التارکين لهذا الفرض الالهي حتى من المعتقدين به، فيشکل لنا اشتراء حاجاتنا من الاسواق والشرکات، ويشکل لنا رکوب السيارات والطائرات وغيرها، وکذا قبول الهدايا او دعوه الضيوف، وربما يکون هذا دليلا على استقرار السيرة على عدم الاعتناء بهذا الامر فتدل على الحلية.
ولکن الانصاف ان هذا المقدار غير کاف لنفي حکم الخمس في المقام، لانه اوّلاً منقوض بما نعلم في اموالهم من المحرمات الکثيرة غير الخمس من بيع المحرمات واخذ الرشوات واخذ الربا کثيرا، وقد نهوا عنه، واکلهم اموال الناس بالباطل بانواع الحيل والتطفيف وغيره، فهل تقل هذه الاموال المحرمة عن الاخماس المتعلقة بهم، وهل يمکن الحکم بتحليل ذلک کله؟
وثانيا: ان هناک اموراً ثلاثة توجب سهولة الامر في هذه المواقع، اولها: حمل فعل المسلم على الصحة، والمعاملة مع سوق المسلمين معاملة الحلية ما لم يعلم علما قطعيا بحرمة ما يؤخذ منه بعينه. ثانيها: ان العلم التفصيلي في هذه الموارد غير حاصل غالبا، والعلم الاجمالي غير مفيد کذلک لخروج بعض موارده عن محل الابتلاء فالانسان لا يبتلى بجميع اموال غيره ممن يعلم قطعا بانه لا يخمس ولعل ما ابتلي به ليس من المحرم، ومن الواضح جريان حکم الحلية في هذه المواضع. وثالثها: ان کثيرا من المعاملات او اکثرها تکون بصورة البيع الکلي المعاطاتي ، فمن يشتري شيئاً يشتريه بثمن کلي لا بثمن شخصي بعينه، ومن الواضح انه اذا اشترى شيئا بهذا النحو يملکه وان دفع الثمن من مال محرم، واذا کان مالکا له جاز لي شراءه منه او قبول هداياه ودعوته الى الضيافات وشبهها.
لا اقول انه لا توجد موارد يعلم بوجود الخمس في المال بعينه، بل اقول ليس هذه الموارد کثيرة جدا کما توهم والله العالم بحقائق احکامه.
ومن هنا يظهر حال البنوک والاموال الموجودة فيها من المخمس وغير المخمس، ومن المحرم وغير المحرم.
* * *
المسألة العشرون: هل يجب صرف عين الخمس في مصارفه، او يجوز جعله کرأس المال يتجر به وينتفع بمنافعه، او يشتري به شيء تنتفع السادة بمنافعه من دون تمليکهم اياه کاشتراء السيارة او الدار او الکتب او غيرها من دون تمليک ارباب الخمس بل جعلها في ايديهم لينتفعوا بمنافعه؟
فلو جاز ذلک امکن حل مشاکل کثيرة من الحوزات العليمة وحاجات السادة وغيرهم.
وهل يجوز اشتراء هذه الامور ووقفها عليهم ام لا؟
اما بالنسبة الى سهم الامام (ع) المنوط بتحصيل رضاه واذن الفقيه القائم مقامه، فالظاهر انه مما لا ينبغي الاشکال فيه لعدم قيام الدليل على وجوب صرف عينه، بل يجوز حفظ عينه والانتفاع بمنافعه کما يجوز اشتراء شيء به ووقفه اذا اقتضت مصالح الامة، فلذا يجوز بناء المساجد والمدارس الدينية منه، واشتراء الکتب العلمية ووقفها على طلاب العلم، وکذا يجوز بناء الدور لهم او المستوصفات او المستشفيات او غير ذلک.
واما بالنسبة الى سهم السادة ففي بدء الامر يشکل ذلک لان ظاهر الادلة صرفه بعينه في منافعهم. اللهم الا ان يقال: انه ملک للعنوان ولا يدل على وجوب تمليک الافراد بل يجوز بقاؤه على هذا الامر وانتفاع الافراد به، فلا يخرج عن ملک العنوان، ولا يجوز وقفه ولکن يجوز ابقاء عينه وتسبيل منافعه، ولا يکون ذلک منافيا لوجوب الاداء بل هو نوع من الاداء.
هذا مع قطع النظر عن ولاية الحاکم على هذا الامر، فان الظاهر من فعل الائمة ـ عليهم السلام ـ انهم کانوا يتعاملون مع سهم السادة معاملة سهم الامام (ع) فالفقيه القائم مقامه ايضا يجوز له مثل هذه التصرفات، وعلى کل حال هذا منوط بمصالح ارباب الخمس وکون ذلک اصلح لهم لا غير.
والحاصل: ان جواز هذه التصرفات حتى بالنسبة الى سهم السادة غير بعيد.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
واما المساکن فقد ذکر لها اقسام واحتمالات:
منها: الاراضي المختصة بالامام (ع) اما لکونها مغنومة بغير اذنه بناء على کونها له او لکونها من الانفال.
قال الصّادق عليه السّلام :
مَنْ قالَ فينا بَيْتَ شِعْرٍ بَنَى اللّهُ لَهُ بَيْتاً فىِ الْجَنَّةِ.
هرکس در راه ما و براى ما يک بيت شعر بسرايد، خداوند براى او خانه اى در بهشت ، بنا مى کند.
وسائل الشيعه ، ج 10، ص 467
لا يوجد تعليق