الجواب الاجمالي:
الجواب التفصيلي:
عندما ارتأى الإمام الثاني انّ الحرب تتعارض مع المصالح العليا للمجتمع الإسلامي والحفاظ على كيان الإسلام ودخل السلم اضطراراً للظروف العصيبة التي أُشير إليها تفصيلاً مسبقاً، بذل قصارى جهده لضمان تحقيق أهدافه العليا والمقدّسة بأقصى ما يمكن من خلال هذا الصلح بطريقة سلمية.
ومن ناحية أُخرى ولأنّ معاوية كان مستعداً لأن يقدّم أي نوع من الامتيازات والتنازلات للدخول في السلم واستلام السلطة، لدرجة انّه أرسل صحيفة بيضاء مختومة إلى الإمامكتب فيها: أن اشترط في هذه الصحيفة ما شئت فهي لك(1) استغل الإمام هذه الفرصة فكتب في معاهدة الصلح جميع القضايا الهامة والحسّاسة ذات الأولوية التي تمثل مبادئه الكبيرة، وطلب من معاوية الالتزام بما جاء فيها.
وعلى الرغم من أنّ نصوص معاهدة الصلح مبعثرة في كتب التاريخ، بل وأشار كلّ من المؤرّخين إلى بعض بنودها وموادها بيد انّه يمكن تأليف صورة كاملة من مجموع ما تبعثر منها في الكتب، وبإلقاء نظرة على تلك البنود التي وضعها الإمام وأصرّ على إدراجها، يمكن أن نفهم قوة التدبير العالية التي استخدمها على صعيد النضال السياسي للحصول على تلك الامتيازات.
والآن وقبل أن ندرس كلاً من بنود معاهدة الصلح على حدة، يمكننا حصر نصها في خمسة بنود كما في الصورة التالية:
البند الأوّل: تسليم الأمر ـ الخلافة ـ إلى معاوية على أن يعمل بكتاب اللّه وسنّة رسوله.
البند الثاني: أن تكون للحسن الخلافة من بعده، فإن حدث به حدث فلأخيه الحسين، وليس لمعاوية أن يعهد بها إلى أحد.
البند الثالث: أن يترك سب أمير المؤمنين والقنوت عليه في الصلاة، وأن لا يذكر علياً إلاّ بخير.
البند الرابع: استثناء ما في بيت المال وهو خمسة ملايين درهم وتكون بحوزة الإمام الحسن، وأن يفضّل بني هاشم في العطاء والصلات على بني أُمية، وأن يفرّق في أولاد من قتل مع أمير المؤمنين يوم الجمل وصفين مليون درهم، و أن يجعل ذلك منخراج دار أبجرد(2).
البند الخامس: الناس آمنون حيث كانوا من أرض اللّه في شامهم وعراقهم وحجازهم ويمنهم، وأن يؤمن الأسود والأحمر، وأن يحتمل معاوية ما صدر من هفواتهم، وأن لا يتبع أحداً بما مضى، وأن لا يأخذ أهل العراق بأحنة وحقد، وعلى أمان أصحاب علي حيث كانوا، وأن لا ينال أحداً من شيعة علي بمكروه، وانّ أصحاب علي وشيعته آمنون على أنفسهم وأموالهم ونسائهم وأولادهم، وأن لا يتعقّب عليهم شيئاً ولا يتعرض لأحد منهم بسوء، ويوصل إلى كلّ ذي حق حقّه، وعلى أن لا يبغي للحسن بن علي ولا لأخيه الحسين ولالأحد من أهل بيت الرسول غائلة سراً ولا جهراً، ولا يخيف أحداً منهم في أُفق من الآفاق.
فكتب معاوية جميع ذلك بخطه وختمه بخاتمه، وبذل عليه العهود المؤكدة والأيمان المغلّظة، وأشهد على ذلك جميع رؤساء أهل الشام(3).
وهكذا تتحقّق نبوءة نبي الإسلام التي أطلقها عندما شاهد الحسن بن علي وهو لم يزل طفلاً من على منبره وقال: «هذا ابني سيد، ولعلّ اللّه يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين(4)،(5).
لا يوجد تعليق