الجواب الاجمالي:
إنّ حدیث ردّ الشمس أخرجه جمع من الحفّاظ الأثبات بأسانید جمّة ، صحّح جمع من مهرة الفنِّ بعضها ، وحکم آخرون بحسن آخر ، وشدّد جمع منهم النکیر على من غمز فیه وضعّفه ; وهم الأبناء الأربعة حملة الروح الاُمویّة الخبیثة ; ألا وهم : ابن حزم ، ابن الجوزی ، ابن تیمیّة ، ابن کثیر .
وجاء آخرون من الأعلام وقد عظم علیهم الخطب بإنکار هذه المأثرة النبویّة ، والمکرمة العلویّة الثابتة ، فأفردوها بالتألیف ، وجمعوا فیه طرقها وأسانیدها
الجواب التفصيلي:
ربّما یحسب قارئ هذه القوارص أنَّ القول بردّ الشمس على أمیر المؤمنین(علیه السلام)من خاصّة الشیعة لیس إلاّ ; فنقول :
إنّ حدیث ردّ الشمس أخرجه جمع من الحفّاظ الأثبات بأسانید جمّة ، صحّح جمع من مهرة الفنِّ بعضها ، وحکم آخرون بحسن آخر ، وشدّد جمع منهم النکیر على من غمز فیه وضعّفه ; وهم الأبناء الأربعة حملة الروح الاُمویّة الخبیثة ; ألا وهم : ابن حزم ، ابن الجوزی ، ابن تیمیّة ، ابن کثیر .
وجاء آخرون من الأعلام وقد عظم علیهم الخطب بإنکار هذه المأثرة النبویّة ، والمکرمة العلویّة الثابتة ، فأفردوها بالتألیف ، وجمعوا فیه طرقها وأسانیدها ; فمنهم :
1 ـ أبو القاسم الحاکم ابن الحذّاء الحسکانی النیسابوری الحنفی ، المتوفّى بعد (490) . له رسالة فی الحدیث أسماها مسألة فی تصحیح ردّ الشمس وترغیم النواصب الشُّمْس(1) . ذکر شطراً منها ابن کثیر فی البدایة والنهایة(2) . وذکرها له الذهبی فی تذکرته(3) .
2 ـ الحافظ جلال الدین السیوطی ، المتوفّى (911) . له رسالة فی الحدیث أسماها کشف اللبس عن حدیث ردّ الشمس .
ونذکر نماذج ممّن أخرجه من الحفّاظ والأعلام ، بین من ذکره من غیر غمز فیه ، وبین من تکلّم حوله وصحّحه :
1 ـ الحافظ أبو جعفر أحمد بن صالح المصریّ ، المتوفّى (248) ، شیخ البخاری فی صحیحه ونظرائه ، المجمع على ثقته . رواه بطریقین صحیحین عن أسماء بنت عمیس ، وقال :
لا ینبغی لمن کان سبیله العلم التخلّف عن حفظ حدیث أسماء الّذی روی لنا عنه(صلى الله علیه وآله) ; لأنّه من أجلِّ علامات النبوّة(4) .
2 ـ الحافظ أبوالقاسم الطبرانی ، المتوفّى (360) . رواه فی معجمه الکبیر(5) ، وقال : «إنّه حسن».
3 ـ الحفاظ أبو بکر البیهقی ، المتوفّى (458) . رواه فی الدلائل ، کما فی فیض القدیر للمناوی(6) .
4 ـ أبو المظفّر یوسف قزأوغلی الحنفیّ ، المتوفّى (654) . رواه فی التذکرة(7) . ثمّ ردّ على جدّه ابن الجوزی وقال ما ملخّصه :
قول جدّی بأنّه موضوع دعوى بلا دلیل . وقدحُهُ فی رواته لا یرد ; لأنّا رویناه عن العدول الثقات الّذین لا مغمز فیهم .
والمراد منه حبسها ووقوفها عن سیرها المعتاد لا الردّ الحقیقی . ولو رُدَّت على الحقیقة لم یکن عجباً ; لأنّ ذلک یکون معجزة لرسول الله (صلى الله علیه وآله) وکرامة لعلیّ (علیه السلام) . وقد حُبست لیوشع بالإجماع ، ولا یخلو إمّا أن یکون ذلک معجزةً لموسى أو کرامة لیوشع ; فإن کان لموسى فنبیّنا(صلى الله علیه وآله) أفضل منه ، وإن کان لیوشع فعلیّ (علیه السلام) أفضل من یوشع ; قال (صلى الله علیه وآله) : «علماء اُمّتی کأنبیاء بنی إسرائیل» . وهذا فی حقّ الآحاد فما ظنّک بعلیّ (علیه السلام)؟
ثمّ استدلّ على فضل علیّ(علیه السلام)على أنبیاء بنی إسرائیل ، وذکر شعر الصاحب بن عبّاد فی ردّ الشمس .
5 ـ الحافظ ابن حجر العسقلانی، المتوفّى (852) . ذکره فی فتح الباری(8) وقال :
روى الطحاوی ، والطبرانی فی الکبیر ، والحاکم ، والبیهقی فی الدلائل ، عن أسماء بنت عمیس : أنّه(صلى الله علیه وآله) دعا لمّا نام على رکبة علیّ ففاتته صلاة العصر ، فرُدَّت الشمس حتّى صلّى علیّ ، ثمّ غربت ; وهذا أبلغ فی المعجزة . وقد أخطأ ابن الجوزی بإیراده له فی الموضوعات ، وهکذا ابن تیمیّة فی کتاب الردّ على الروافض فی زعم وضعه .
6 ـ الحافظ السیوطی ، المتوفّى (911) . رواه فی جمع الجوامع کما فی ترتیبه(9) عن علیّ(علیه السلام) فی عدّ معجزات النبیّ (صلى الله علیه وآله) . وقال فی الخصائص الکبرى(10) :
اُوتی یوشع حبس الشمس حین قاتل الجبّارین ، وقد حبست لنبیّنا (صلى الله علیه وآله) فی الإسراء ، وأعجب من ذلک ردّ الشمس حین فات عصر علیّ (رضی الله عنه) .
لفظ الحدیث
عن أسماء بنت عمیس : أنّ رسول الله(صلى الله علیه وآله) صلّى الظهر بالصهباء من أرض خیبر ، ثمّ أرسل علیّاً فی حاجة فجاء وقد صلّى رسول الله العصر ، فوضع رأسه فی حجر علیّ ولم یحرِّکه حتّى غربت الشمس ، فقال رسول الله (صلى الله علیه وآله) : «أللّهمَّ إنَّ عبدک علیّاً احتبس نفسه على نبیِّه فرُدَّ علیه شرقها» .
قالت أسماء : فطلعت الشمس حتّى رفعت الجبال ، فقام علیّ فتوضّأ وصلّى العصر ، ثمّ غابت الشمس .
ویعرب عن شهرة هذه الأَثارة بین الصحابة الأقدمین ، احتجاج الإمام أمیر المؤمنین بها على الملأ یوم الشورى بقوله : «أنشدُکم الله أفیکم أحدٌ رُدّت علیه الشمس بعد غروبها حتّى صلّى العصر غیری؟». قالوا: لا(11) .
ووردت فی شعر کثیر من شعراء القرون الاُولى حتّى الیوم .
فبهذه کلّها نعرف قیمة ابن حزم وقیمة کتابه . ونحن لا یسعنا إیقاف القارئ على کلِّ ما فی الفِصَل من الطامّات ولا على شطر مهمٍّ منه ; إذ جمیع أجزائه ـ ولا سیّما الجزء الرابع ـ مشحونٌ بالتحکّم والتقوّل والتحریف والتدجیل والإفک والزور .
وأمّا ما فیه من القذف والسباب المقذع فلا نهایة له . ولا یسلم أحدٌ من لدغ لسانه لا فی فِصَله ولا فی بقیّة تآلیفه حتّى نبیُّ العظمة ; قال فی الإحکام(12) :
قد غاب عنهم ـ یعنی الشیعة ـ أنّ سیِّد الأنبیاء هو ولد کافر وکافرة .
أیساعده فی هذه القارصة أدب الدین ، أدب التألیف ، أدب العلم ، أدب العفّة؟(13)
لا يوجد تعليق